-A +A
خالد صالح الفاضلي
السيدة إيفانكا، بعد التحايا، وكما رصد الإعلام والتقارير، كان لإطلالتك في سماء الرياض، ترقب، ثم احتفاء، وأتمنى أن تكون الأسطر القليلة بقعة ضوء على الجانب الخفي من القصة، جوانب (قد) لا يفهمها الإعلام الغربي، ولا أجهزة الاستخبارات.

كان أجدادنا، البدو القدماء (قبل وبعد ميلاد المسيح إلى بعثة النبي محمد، عليهما صلوات الله وسلامه)، تبدأ كل قصائد شعرهم (حتى لو كانت في الحرب والثأر) بوصف النساء الحسناوات، وغالباً ما تكون البداية عن كأس خمر تمدها حسناء.


غلبت على مفرداتهم الرومانسية، فأثناء وقوفهم على أطلال قبر، يتمنون له مطر وزهر، رغم يقينهم أن أجساد الأموات باتت ترابا، ولم تعد لديهم أيادٍ تمتد لتناول الورد، كما أن أحد فرسانهم وصف لمعان بريق سيوف -تنتوي قطف عنقه- كبريق ابتسامة حبيبته، إنه مهدد بالموت، وقلبه نابض بالرومانسية.

جاء الإسلام، وطلب تحييد الخمر من حياتهم اليومية، استجابوا لذلك، لكن أحد شعرائهم وأثناء وقوفه أمام الرسول محمد، ورغم أنه في مكان إنشاد قصيدة مدح لنبي لم يتنازل في بدايتها عن ذكر حبيبته سعاد، وأن قلبه بها متبول.

سقطت الخمر -بعد الإسلام من قصائد العرب- فحلت القهوة مكانها، بينما استمرت الحسناوات في بدايات القصائد، واستمرت رومنسيتنا بيننا ألفاً وأربعمائة سنة تحت خيمة الإسلام، إلى أن جاء منّا أقوام نحروا رومنسيتنا، أحالوها إلى مكان التحريم، وفعلوا بنا ما فعلته الكنائس في عصور الظلام الأوروبي، النساء رجس، شيطان في جلباب بشر.

جاء أجدادك إلى ديارنا، فأسقوا التنمية والطاقة نفطا كان مدفونا تحت أرضنا، ثم أتت «إيفانكا» فأسقيناها رومنسية كانت مدفونة تحت أضلعنا، كانت الكنوز المدفونة لنا، وكان التنقيب لكم.

يتمنى الشعب السعودي لك ولأسرتك استقرارا عائليا، ودفء محبة، وكان صادقاً في رومنسيته تجاهك، وترقبوك كثيراً، كما كان أجدادهم يفعلون أثناء ارتقابهم لظهور نجم في أفق السماء، كانوا -فقط- مهووسين برصد النجوم المتبوعة بمواسم مطر، وهذا ما حدث فعلاً، كان بزوغ نجمك مثل المطر من عقود تنمية وربيع سلام ينتظره العالم أجمع.

وصلت رومنسيتهم لتسمية بناتهم باسمك، وكتابة قصائد شعر لك، لا يحدث ذلك إلا بصدق، بحب، بيقين، ورغم أن لجمالك شطرا في تحفيز ذلك، لكن بداية الحكاية كان خطابك عن والدك أثناء الانتخابات الأمريكية، كانت «إيفانكا» تجسيدا حقيقيا للمثل العربي (كل فتاة بأبيها معجبة)، كانت وهي تلقي الخطاب تتدثر روحاً عربية، كانت واحدة من بناتنا.

تعود «إيفانكا» ويبقى الشعر المكتوب فيها جزءا من الموروث الأدبي والثقافي، كبقية حسناوات عربيات، كن سببا في توسيع دائرة الرومنسية، وبدايات قصائد الفرسان والمغتربين من أجل لقمة العيش.

كانت «إيفانكا» علامة استفهام كبيرة، لسؤال ليس من السهل الإجابة عنه «من سرق رومنسيتنا؟».

jeddah9000@hotmail.comm