-A +A
عزيزة المانع
لعل كثيرا من المعاناة التي يقع فيها بعض الناس كي يحصلوا على ما هو حق لهم في الأصل، لا تكون ناجمة عن عدم وجود أنظمة تحمي حقوقهم، أو أن ثمة أنظمة تحول بينهم وبين الحصول عليها، وإنما هم يعانون لأن ما يوجد من أنظمة تحفظ الحقوق، تكون أحيانا غير مفعلة، متروك أمر التقيد بها لإرادة الفرد أو المؤسسة.

من ذلك ما ظلت المرأة تتعرض له زمنا طويلا، من العنت والمشقة كي تحصل على بعض الخدمات العامة، بسبب إصرار بعض المستشفيات ومؤسسات التعليم وجهات التوظيف وغيرها من المؤسسات العامة، اشتراط إثبات موافقة ولي المرأة كي تحصل على ما تحتاج إليه من علاج أو خدمات، وهو طلب فيه تعسف بالغ بالنسبة للمرأة، وإنكار لأهليتها وما مكّنها منه الشرع الحنيف، دون أن يكون وراء ذلك مستند من نظام رسمي أو شرعي يدعمه.


وحرصا من الدولة على ألا يُحرم أهل الحقوق من حقوقهم، صدر خلال الأسابيع الماضية تعميم من المقام السامي موجه لجميع الجهات الحكومية بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها عند تقديم الخدمات لها، ما لم يكن هناك مستند نظامي ينص على ذلك.

ولا شك أن صدور مثل هذا التوجيه الملكي، ليس فيه رد اعتبار للمرأة بالاعتراف بأهليتها فحسب، وإنما هو أيضا يزيح عن طريقها عقبة كبيرة كانت تعترض بعض النساء، وتحول بينهن وبين الوصول إلى ما يحتجن إليه من الخدمات.

إلا أن هذا التوجيه الملكي كان يخاطب الجهات الحكومية، ولم يشمل القطاع الخاص، الذي لا يقل تعنتا عن الجهات الحكومية في التمسك بمطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي الأمر، مثل بعض البنوك والمستشفيات ومكاتب العقار وغيرها من القطاعات الخدمية التي غالبا تتردد في خدمة المرأة ما لم تحضر ما يثبت موافقة ولي أمرها أولا، ومن المحتمل أن يكون هناك تمييع وتجاهل للتوجيهات السامية في بعض جهات القطاع الخاص.

لذلك من المهم أن يكون هناك متابعة للتأكد من التزام الجميع بالتوجيهات الملكية بهذا الشأن، فيخصص مكتب حكومي لتلقي شكاوى النساء اللاتي يصطدمن بمن يطالبهن بالحصول على موافقة ولي الأمر حول أمور غير ملزمة نظاما، وأن تكون للمكتب صلاحيات تطبيق إجراءات جزائية سريعة ومباشرة ضد كل من لا يتقيد بالعمل بتلك التوجيها السامية.