-A +A
خالد صالح الفاضلي
بات عصياً على الذاكرة أن تختزن أو تفهم شعارات (الصورة الرمزية) لمؤسسات حكومية (عسكرية أو مدنية) نتيجة تقارب التشابه بين تفاصيل الشعارات رغم البون الشاسع بين مهام الوزارات، وعلاقتها بالمواطن كمقدم خدمة.

كان اللافت في بلد لا يزرع القمح أن أغلب شعارات وزاراته وقطاعاتها تصر على وجود «سنابل قمح»، خاصة أن السنبلة في موروثنا العميق لها علاقة بالعمل الخيري، الصدقات تحديداً (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) (261/سورة البقرة).


توجد «زحمة» في الذائقة البصرية، تشويش كبير، في أغلب شعارات وزارات ومؤسسات الدولة، وكأنها قصيدة وطنية لشاعر ركيك (نخلة، سيفان، سنبلتا قمح) حتى الهيئات المؤسسة حديثاً لم تتحرر من وجود هذه الرمزية، بما فيها هيئة الترفيه، توشك النخلة في شعارها على أن تبدأ (وصلة رقص)، أراها هكذا، نخلة بساقين عاريتين، يدين مفرودتين، ورأس بشعر «يلعب به الهواء».

أتمنى أن تعود كل الوزارات والهيئات لمراجعة رسم شعاراتها بأسلوب يتوافق مع تطور الثقافة البصرية عند الجمهور (بسيط ومباشر) قابل للترجمة، قريب للمهمة المناطة بكل مؤسسة، وبه دلالة مباشرة على روح المؤسسة وعلاقتها بالمواطن، والوطن.

توجد ملاحظة صغيرة في بنية رسم الشعارات وهي وجوب تخليصها من المكتوب داخلها، فثمة فرق كبير بين اسم الكيان وبين شعاره، ليس من المستحسن حشر اسم الكيان داخل الشعار، أو كلمات إضافية، بما في ذلك اسم الكيان، واسم البلد، وهي ثقافة شائعة على مستوى الوطن العربي.

تشترك النخلة، السنابل، في أغلبية شعاراتنا، لا نزرع قمحا، ولم نعطِ النخلة اهتماما حتى أننا لم نخصص لها يوماً من أيام السنة، ولم يتم إشهار سبب وجودها، بينما ثلاثة أرباع الرقعة الزراعية في السعودية لا تحتضن نخلا.

تأتي رؤية 2030 بتطلعات متنوعة، ومن الجيد أن يتوافق مع ذلك ترقية للذائقة البصرية للشعارات، وتقريبها أكثر لوعود، نوايا، مهام الكيان، مع أهمية أن يتم رفدة بمحتوى قليل الكلمات (سلوقن) أو الوعد الذي يلتزم به الكيان تجاه نوع جودة الخدمة التي يقدمها.

يتورط القطاع الخاص (مؤسسات كبرى عتيقة، غالباً، وكل المتوسطة والصغيرة) مع افتقارها -كذلك أغلب القطاعات الحكومية- لوضوح هويتها الشخصية على منشوراتها التعريفية (البروشورات)، ومواقعها الإلكترونية، وكأن الكيان لا يستطيع التحدث عن نفسه بوضوح كافٍ.

يحتاج القطاع الحكومي (عسكرياً ومدنياً)، وكذلك القطاع الخاص إلى إعادة صياغة شعاراتهم (رسماً ووعداً)، وتصميم صور رمزية، وذهنية ترسخ في الذاكرة، وتكون متوافقة مع مهام الكيان، فليس من المجدي أن نمتلك أكبر متحف للشعارات، بينما 2030 على الأبواب.

jeddah9000@hotmail.comm