-A +A
محمد الديني
ALdainiLaw@

لا شك، ومع هذا الكم الهائل من القضايا التي تظهر في الوسط الرياضي، فإنه قد أصبح لدى الكثير من الجماهير إلمام بالمفردات القانونية والإجراءات في الدعاوى، ومعلومات عن قواعد الإثبات، لأنه لا يكاد يمر أسبوع إلا وتظهر قضية رياضية جديدة تشغل الشارع الرياضي، وتتهافت وسائل الإعلام لأخذ آراء القانونيين المتخصصين حولها، والتي ربما تتفق في بعض الحالات وتختلف في حالات أخرى، الأمر الذي يحدث انقساماً في الآراء أحياناً، ولعل آخر هذه القضايا هي شيك الـ30 مليون ريال، الذي قدمه الراحل الأستاذ أحمد مسعود -رحمه الله- لهيئة الرياضة، والذي كان شرطاً لتوليه رئاسة نادي الاتحاد، والذي قد قدمه بالفعل وسلمه لسمو رئيس الهيئة، وبناء على ذلك تولى -رحمه الله- منصب الرئاسة، إلى أن وافته المنية، وتولى بعده الرئيس الحالي المهندس حاتم باعشن رئاسة نادي الاتحاد حتى تاريخه.


إذن أين المشكلة؟ أو بمعنى أدق أين القضية؟ ولماذا أثيرت وفي هذا الوقت تحديداً؟ وما هو المقصود من إثارتها؟ هل المقصود أن الشيك كان صورياً كما تردد في بعض وسائل الإعلام؟ أم أن الشيك تم تحويله إلى حساب عضو شرف كما تردد أيضاً؟ أم أن الشيك لم يودع في الحساب لأن الحساب كان موقوفاً؟

للأسف أن ما يتردد هو مجرد كلام بلا دليل، وهو ما يطلق عليه في القانون الكلام المرسل، لأنه لا أدلة عليه من جهة، ومن جهة أخرى لم يبين من هو المتهم، وما هو الاتهام، هل المقصود أن المتهم هيئة الرياضة، أم رئيس نادي الاتحاد الراحل؟ وهل المقصود أن هذا المبلغ تمت الاستفادة منه وصرفه على نادي الاتحاد، أم أنه لم يصرف أصلاً، وهو مجرد شيك تم إظهاره لوسائل الإعلام كما تردد؟

إن مثل هذا الاتهام هو اتهام خطير جداً لجهة حكومية هي الجهة المسؤولة عن الأندية الرياضية حسب النظام ولها كافة الصلاحيات في معالجة مشاكل الأندية ووضع الحلول لمشاكلها، بل إنها هي من وضعت شرط الشيك بمبلغ الـ30 مليونا لمن يتقدم لرئاسة نادي الاتحاد، وبالتالي فإنه لا يعقل أن تقبل الهيئة شيكاً صورياً، كما أنها لا يمكن أن تقبل الشيك وتسلمه لإدارة نادي الاتحاد دون متابعة أو رقابة، خاصة أن دورها لا يقف عند استلام وتسليم الشيك.

بالقانون، الشيك لا يمكن أن يكون صورياً، لأن من يدعي الصورية يقع عليه عبء إثباتها، كما أنه أيضاً لا يمكن أن يتصرف فيه غير إدارة نادي الاتحاد؛ لأنه يحمل ختما -يصرف للمستفيد الأول- ومعنى ذلك أنه لا يمكن تجييره للغير، وإثبات إيداع الشيك أمر سهل جداً وغير معقد ولا يحتاج إلى مجهود.

ومن خلال قراءة سليمة للمشهد، فإن الأصل البراءة، ولا اتهام إلا بدليل، بمعنى أن الشيك تم إيداعه في حساب نادي الاتحاد وصرفه تحت رقابة وإشراف الجهة المسؤولة عن الأندية الرياضية، وهي الهيئة العامة للرياضة، وعلى من يدعي خلاف ذلك إثبات هذا الاتهام وليس العكس، لاسيما أن الواقع يؤكد أن إدارة نادي الاتحاد قد عالجت مجموعة من المشاكل المالية خلال فترة ولايتها.