-A +A
عبدالله صايل
abdullahsayel@

نشتكي أنه لا حوار في الأسرة، لا حوار في المدرسة، لا حوار في العمل، لا حوار في الرياضة.. ولا حوار حتى بين الزوجين. ولو سألتهم جميعا لقالوا لك: جربنا وما نفع! والمعضلة أساسًا هي عدم الوعي بأبجديات الحوار الكفيلة بتحقيق مفهومه الشامل. فالكثير يعتقدون أن الحوار ما هو إلا استنطاق أجوبة من سلسلة أسئلة، وهناك دائما طرف أحق من الآخر بتوجيه الأسئلة، وعلى الطرف الآخر الالتزام بتوفير الأجوبة، وينسى الجميع أن ما يحدث هنا هو «تحقيق» وليس حوارًا بأي شكل من الأشكال.


من أبجديات الحوار يا سادة أن يؤمن الطرفان المتحاوران بأن لكل منهما الحق في التعبير عن رأيه، وقناعاته، وتطلعاته. يلي ذلك الإيمان المُطلق بأن لكل منهما الحق في نثر السؤال قبل الحق الأكيد في تلقي الإجابة، حتى وإن كانت مُجرّد عبارة «لا أعلم!». هذا على صعيد الأساس.. لترتقي المسألة بعد ذلك إلى آفاق لا حدود لها من فرص التعايش والمسالمة والتحاب.

ومن المهم اليوم أن ننتبه جميعا إلى ما يتيحه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من خلال أكاديمية الحوار للتدريب، فهذه المؤسسة التعليمية المنبثقة عن المركز تتيح مسارات تدريبية تؤكد وعي المركز اللافت باحتياجات المجتمع السعودي، وبمرور سريع على بعض هذه المسارات التدريبية ومن بينها: التدريب على الحوار مع الطفل، الحوار الأسري، الحوار الرياضي، الحوار الإعلامي، الحوار التربوي، الحوار الحضاري، الحوار المجتمعي، الحوار مع الحاج والمعتمر والزائر، الحوار الفكري، إلى جانب حقائب تدريبية متخصصة في تنمية مهارات الاتصال كحقيبة لغة «برايل» وحقيبة الحوار من أجل السلام. والأجمل من كل هذا، أن التدريب على مختلف أنواع الحوار متنقّل بين مدن المملكة، ومنعقد على فترات متكررة خلال العام.

ما الذي بقي؟ بقي أن تبادر المؤسسات التربوية والرياضية والإعلامية على إلحاق منسوبيها بهذه الدورات، تماما كما يجدر بكل فرد وكل رب أسرة مهتم بتطوير قدراته في التحاور مع أطفاله أن ينضم إلى ركب المستفيدين من هذه الفرصة النوعية على المستوى الإقليمي والعربي، والاستفادة من كل ما يتيحه المركز وتتيحه الأكاديمية من فرص، فنحن الوحيدون الذين يباهون بوجود مركز وطني للحوار في المنطقة، وهو إضافة كبيرة في النطاق الفكري والإنساني على أهم تقدير.

وعلى مستوى شخصي.. لم أؤمن بأمر حضاري منذ أن تشكّل وعيي.. قدر إيماني بأهمية وجدوى الحوار.

استمع.. تكلم.. راجع.. وفكّر..

نحنُ بشر.. فلا تحرم نفسك متعة كل هذه النِعَم!