-A +A
علي محمد الرابغي
استيقظت جدة السبت قبل الماضى على حادثة مروعة بشعة.. اغتالت اليد الآثمة الشاب أحمد سعيد العمودي.. ابن العائلة التى اشتهرت بالصرافة وحققت نجاحات ومستوى متقدما من الثقة ومن المهنية العالية.. كان الشاب أحمد فى مقتبل عمره وكان حسب شهادات كل من يعرفه بأنه على حظ كبير من الاستقامة والخلق الكريم.. ولقد صعق الخبر كثيرا من الناس من عارفي فضله ومن أصدقائه وهم كثر بالمملكة وخارج المملكة حتي فى ألمانيا كانت الاتصالات على من يعرفونه من السعوديين.. جسدوا فيها حزنهم العميق والصدمة التى تلتهم من أعماقهم.. كل تلك المؤشرات تعزز الثقة فى هذا المواطن الذى بلغ من البر بوالده هو وإخوته أن هيأوا له غرفة للعناية المركزة فى داره.. وما زال الأب الرجل الطيب الكريم تحت رحمة الله فى حالة غيبوبة.. ولعلها رحمة الله به، إذ لم يشهد فصول هذه الجريمة النكراء.. وكان الله فى عون والدته التى أغشي عليها لحظة سماع الخبر.

ومن العجب العجاب أنه حتى أصدقاؤه بكوه وانهمرت دموعهم اعترافا بعمق الأحاسيس الوجدانية بينهم وبين هذا المواطن.. وتلك وأيم الله ميزة فى هذا النسيج المتماسك كقطعة واحدة لا يشوبها أدنى تمزق.. فنحن والحمد لله فى مكوناتنا ترابط كأننا وكما قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.. مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى.


الرائد يزيد النفيعي وشهادة التفوق:

تأتى شهادة مدير شرطة جدة وتزكيته للرائد يزيد بأنه رجل أمن متمكن ومتمرس.. يمتلك قدرات ذهنية فى مقدمتها الفراسة التى هي ميزة الإنسان العربي.. وقد كرس كل أحاسيسه وكل جهده في أن يفك رموز هذه القضية الشائكة.. والتى قام بها مجرم غطى على سمعه وبصره حب المال والطمع وضرب بصداقته وثقة المغدور العمودي به.. كل ذلك حرصا على سلب الأموال وسرقتها مستغلا الثقة.. وهنا ظهرت براعة الرائد يزيد، إذ تؤكد الدلالة على براعة المرحوم والذى استطاع فى سرعة بالغة أن يجلي هذه الجريمة ويفضح القائم بها فى زمن قياسي.. وهذه ميزة تضاف إلى سابق قدراته وما حقق من كشف الجرائم التي جعلته مكان ثقة ومحل اعتزاز.

الرائد النفيعي:

كان عنوانا لرجل الأمن الشهم النبيل الذى يقدر المسؤولية ويرعاها.. تشهد له تلك المدة الزمنية القصيرة التى استطاع من خلالها أن يكشف الجريمة وبالتالي مرتكبها.. إذ كلفه ذلك كثير من الإجهاد والتعب والرهق وكان أن قضي نحبه فى حالة فجائية صدمت أهله ومحبيه وكل عارف لفضله.. ويكفيه فخرا وشرفا أنه مات وهو فى ساحة الأمن وكشف أبعاد الجريمة ونجح فى فك رموزها وفي نزع الاعتراف من الجاني رغم الاحتياطات التى لجأ إليها المجرم، إلا أن قدرة الله جلت الخيط الرفيع من خلال كاميرات الجيران ومن خلال رقم لوحة السيارة التي جاء بها وانصرف.. وهذا فضل يحسب للتقنية الحديثة ويجب تعميمها على كل المنازل والشركات لتسهم مع رجل الأمن في رصد الجرائم.. لم يمهل القدر الرائد يزيد ومات الأربعاء الماضي ليخلف فى قلوب أهله وزملائه، بل ومواطنيه ووطنه آلاما غائرة.

إن العمودي والنفيعي عينتان من الوطن امتازتا بالتفوق والقدرة الذاتية (غير العادية) ومن هنا كان موت كل واحد منهم صدمة هزت ضمير الوطن ومواطنيه.

نحن، إذ نحمد الله ثم شرطة جدة وابنها البار يزيد.. فإننا قد استقر فى وعينا وإيماننا أننا نرتهن مقدراتنا فى أيدٍ أمينة.. أعني بذلك العيون الساهرة التي تسهر لننام في هدوء وطمأنينة وثقة.

فالعيون الساهرة ساهرة على أرواحنا وأموالنا وأولادنا.. بارك الله في كل فرد منهم من قائمة الهرم إلى أصغر جندي.. وسبحان الله فإن الإيمان يصنع المعجزات وكشف هذه الحادثة في هذا الوقت الزمني القياسي إنما يعزز الثقة في رجال الأمن وفي احترافيتهم وقدرتهم ونبوغهم في كشف الجرائم ورسالة لكل من تسول له نفسه.

وفقهم الله وزادهم من فضله.. وحسبي الله ونعم الوكيل.