-A +A
عبدالعزيز النهاري
هناك عنصر مهم وفاعل في مكافحة الفساد لو قام بدوره على الوجه الأمثل لحصر الفاسدون، ولسقطت الأقنعة التي يرتدونها ويختفون خلفها فنراهم بشرا أسوياء صالحين، وفي بعض الأحيان متدينين ملتزمين، ولو لم يقم ذلك العنصر بدوره، فسيظل الفساد ويبقى عبث الفاسدين، ونهب الأموال والثراء الحرام، على حساب مصالح الناس ومقدرات الدولة، وأرواح الأبرياء في بعض الأحيان، ذلك العنصر هو الطرف المستفيد أو صاحب المصلحة، على تنوع درجات مصلحته، وما يحصل عليه نتيجة ما يقدمه من تنازلات تأخذ عدة أشكال منها الدفع «الكاش» والهدايا والعطايا، والتسهيلات غير المحدودة التي تعطى للفاسد مما يملكه المستفيد، ويشارك به عن قصد وسبق إصرار في بقاء ونمو الفساد وكثرة أعداد الفاسدين. وحقيقة، فإنه لو لم يكن هناك «مفسد» لما وجد «فساد» ولا «فاسد» ولو كنت مشرعا لضاعفت عقوبة «المفسد» وأوقفت كل مصالحه القائمة على نتائج إفساده. دعاني إلى التطرق لهذا الموضوع ما يثيره البعض في المجالس، أو عند توقف سير معاملاتهم، أو في حالة تعطل إجراءات مصالحهم تحت أي سبب نظامي كنقص في الأوراق او المستندات المطلوبة في أي إجراء، إذ يشيرون وبكل سهولة ودون تردد إلى طلب «الموظف» أو «المسؤول» بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مقابل مادي لتسهيل مصالحهم، ويجزمون أحيانا بأنه لا مناص من «الدفع» أو كما يقول الراشون «ادهن السير يسير»، وإذا سألتهم لماذا يسكتون ولا يبلغون عن أولئك «الفاسدين» قالوا «لا نريد تعطيل مصالحنا» أو أنهم يخشون إن فعلوا ذلك وقفت أعمالهم المستقبلية بدافع انتقام الفاسدين ومن يدور في فلكهم. وبالطبع فإن سكوتهم في حد ذاته «فساد» واضح وهو سكوت عن الحق، واستمرار ذلك الصمت منهم يعني كما قلت بقاء الفساد وتنامي الفاسدين، وهو ما لا أشك بأن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد أولت هذا الأمر اهتمامها وحفظت للأسوياء حقوقهم ومصالحهم.