-A +A
علي محمد الرابغي
كشفت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن ملامح جديدة فى ماليزيا وإندونيسيا.. تلك الدولتين اللتين خرجتا من عنق الزجاجة وضربتا أكثر الأمثال وأبرزها على أن الإرادة والإخلاص متى ما انبعثا من إيمان عميق فإنهما يفجران إمكانات الطاقة والبشرية منها في المقدمة.

كانت إندونيسيا فى مفهومنا دولة فقيرة متخلفة تصدر العمالة المنزلية الرخيصة.. ولكن هذه الزيارة المباركة فاجأتنا على تحولات كبيرة وأعطتنا قناعات جديدة.. أبرزها التصنيف العالمي لها كدولة صناعية جديدة احتلت فيه المركز العاشر عالميا.. إذ إنها وبقوة العزيمة والإصرار تحقق لها اقتصاد لعبت فيه الحكومة الدور الأهم من خلال ملكية الشركات (تمتلك الحكومة المركزية 141 شركة) وبالتالي فهي تتحكم فى أسعار مجموعة من السلع الأساسية، بما فى ذلك الوقود والكهرباء والأرز (سلطان المائدة).. واستطاعت بإرادة المخلصين أن تتخطى الأزمة المالية والاقتصادية التى بدأت في منتصف عام 1977 عن طريق سيطرة الدولة على جزء كبير من إجمالي أصول القطاع الخاص.. ومن خلال الحصول على القروض المتعثرة وأصول الشركات.. إذ نجحت فى إعادة هيكلة الديون ومنذ عام 1999 بدأ الاقتصاد في التعافي من أزمته وتسارع النمو إلى أكثر من 4% وإلى 6% في السنوات الأخيرة.


إندونيسيا:

دولة تقع فى جنوب شرق آسيا تضم 17508 جزر ويبلغ عدد سكانها حوالى 238 مليون شخص وهي رابع دولة من حيث عدد السكان وأكبر عدد سكان فى العالم من المسلمين.. يستقطب قطاع الزراعة فى إندونيسيا نحو 40 مليون عامل من مجموع 125 مليون يوجدون فى سوق العمل.. كما ان معظم الإنتاج الزراعي يستهلك محليا.. ويلعب القطاع الصناعي دورا مهما فى التصدير ويمتلك هذا البلد روافد طبيعية وقطاعا زراعيا وثروة سمكية، إضافة إلى ثروة معدنية فى باطن الأرض مثل الفحم الحجري والذهب والغاز.. وتوجد صناعات ثقيلة فى جزيرة جاوا ومنها صناعة السيارات.. إذ يعتمدون فى صناعاتهم على نحو 60 % من المواد الأولية المحلية المنشأ مقابل 40% من المواد مستوردة من الخارج.

ويذهب الاقتصاديون فى العالم أنه إذا كانت هناك نقطة مضيئة فى الاقتصاد فهي إندونيسيا والتى تمثل 40% من عدد سكان مجموعة دول جنوب شرق آسيا و40% من إجمالى الناتج المحلي لها.. وتمثل بذلك الرقم 10 فى ترتيب الاقتصاد على مستوي العالم.. وقد أصدرت مجموعة بوسطن الاستشارية أن إندونيسيا تعتبر وجهة جذابة للشركات العالمية فى ثلاث صناعات وعلى رأسها صناعة السلع الاستهلاكية المعمرة وصناعة السلع الاستهلاكية سريعة النقل والحركة والخدمات المالية.. فهي تمتلك قاعدة مستهلكين تنمو بوتيرة كبيرة واقتصاد ينمو صعودا عاما بعد عام.

من هنا فإن من حقنا كمسلمين أن نفخر بهكذا دولة من شأنها أن تكون سندا واقيا ودرعا من دروع الإسلام في وجه الصراعات القائمة والتي في معظمها تستهدف الإسلام ومواطنيه.. ولعلها مع ماليزيا تصدران تجربتهما إلى العالم العربي وإلى دول الخليج.. كيما يقتدوا بهذه الدول.. وكيما يتم التكافل حتى تستعيد هذه الدول عافيتها.. وتستغل ما لديها من طاقات.. والشباب في مقدمتها لنجتاز ما يقابلنا فى هذه الأيام من صعوبات اقتصادية تمس كياناتنا.. وبذلك نكون أهلا، لأن تحدث نقلة نوعية تفيد فى إعادة توحيد الصف وبناء دول متعافية قوية.. تسهم فى صناعة المستقبل للعالم العربي والإسلامي.. فيه نوع من الاكتفاء الذاتي والاستفادة من مثل هذه التجارب الناجحة.. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.. وحسبي الله ونعم الوكيل.