-A +A
هاني الظاهري
نشرت «عكاظ» أمس خبرا عن جريمة جديدة لمقيم أجنبي (يعمل سائقا بشكل غير نظامي) تسبب في تحويل حياة مواطنة سعودية إلى جحيم بعد أن عرض عليها الزواج خلال أحد المشاوير ثم تمادى بسبب صمتها محاولا فرض سلطته عليها لدرجة بلغت تهجمه عليها في المنزل، ليُضبط بعد ذلك ويحكم عليه بالسجن لثمانية أشهر، ومئتي جلدة مع الترحيل.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة وما هي إلا عينة من حوادث معظمها لم يُكشف أو يحاكم الجناة فيها، لكنها تفتح الباب على مصراعيه لنقاش وضع العمالة الأجنبية اجتماعيا وأمنيا في السعودية وضرورة معالجة الخلل القائم فيه.


عام 2008 طالبت في مقالة نشرتها صحيفة الاقتصادية بمنع الأجانب العزاب من الإقامة داخل المدن وتخصيص مجمعات سكنية في الضواحي لهم لدواع أمنية واجتماعية متعددة، وذكرت أنه في حال صعوبة تنفيذ ذلك علينا السماح لهم باستقدام أسرهم كحل بديل وهو الأصلح لهم وللمجتمع.. كان ذلك قبل أن تُرفع رسوم إقامات الوافدين ومرافقيهم بشكل يدعم خزينة الدولة كما هو الوضع الآن إذ تحول الأمر إلى خيار اقتصادي إستراتيجي.

الوافد الذي قدم إلى السعودية بتأشيرة عامل بناء أو سباك أصبح اليوم يقضي وقت فراغه في العمل لصالح شركات سيارات الأجرة، وبعضهم يعمل بشكل مستقل باستخدام سيارات متهالكة تُباع في حراج السيارات بأبخس الأثمان، وللأسف أن حاجة كثير من الأسر السعودية للتنقل تجبرها على الاستعانة بهم رغم الخطر الأمني والاجتماعي لهذه الظاهرة وهو الأمر الذي يجعل من مسألة السماح للعامل الأجنبي «مهما كانت مهنته» باستقدام أسرته مسألة تجاوزها الزمن وبات لزاما أن يُجبر على ذلك وهو ما يحقق فوائد متعددة منها:

- فوائد اقتصادية تتمثل في انتعاش أسواق التجزئة والحركة التجارية بشكل عام بعد رفع الدعم عن السلع وإقرار ضريبة القيمة المضافة، بجانب ارتفاع دخل الدولة من رسوم إقامة مرافقي العمال الأجانب.

- فوائد أمنية واجتماعية إذ سيكون وجود أسرة العامل الأجنبي معه سببا لاستقراره وانضباطه وتجنبه ارتكاب أي مخالفات اجتماعية أو أمنية لانشغاله بمعيشة أفراد أسرته وتوفير الحياة الكريمة لهم، كما أن استقرار العامل أسريا وفي سكن محدد سيسهم لا محالة في إلغاء ظاهرة الهروب والتنقل بين مدن المملكة بشكل غير نظامي وما يترتب على ذلك مما تعرفه الأجهزة الأمنية والقضائية جيدا.

ولا تقتصر الفوائد على ما سبق بل تتجاوزها إلى ما لا يتسع المجال لذكره في هذه المساحة، ولذلك أؤكد أن من المهم المسارعة لإيجاد حل لهذه الإشكالية اليوم قبل الغد لأنها تكبر ككرة الثلج كل ساعة والمسألة لا تحتاج إلا لقرار من سطرين فقط، وليس من المنطق تأجيلها فيما يتهدد الخطر مجتمعنا ونحن نرى ونقرأ الأخبار ونضرب كفا بكف وننسى.