-A +A
عبدالله عمر خياط
.. من سنوات تجاوزت الأربعين سنة اجتمعت في مدينة «فرزه نو» بولاية «كالفورنيا» بالولايات المتحدة الأمريكية، بشخصية طريفة يدرس العلم للحصول على الدكتوراه وفي مجرى الحديث معه سألته عن الوظيفة التي يتطلع للعمل بها؟

فقال: أي وظيفة يا أخي فقد عاد زملائي بنفس شهادة الدكتوراه التي أسعى للحصول عليها فلم يجدوا غير مدرس بالمدارس الثانوية، وفي أحسن الأحوال مجرد «معلم الشباب».. وإني أفضل أن أفتتح مركزاً لتسويق الفواكه في بلجرشي وأكتب على اللافتة «مركز دكتور لبيع الفواكه».


ومرت الأيام ودارت الأعوام ووجدته صاحب أكبر سوق للفواكه بعد أن أمضى خمس سنوات في تعليم الشبان بالطائف عاد لـ «بلجرشي» سعيداً بما يعمل فيه.

.. وقد عجبت للوضع الذي انتهى إليه خريجو الجامعات وذلك بما قرأته فيما نشرته «عكاظ» بتاريخ 25/6/1438هـ تحت عنوان (يرفضون نعتهم بالكسالى.. ويطالبون المجتمع والجهات المعنية بدعمهم: سعوديون يودعون شهاداتهم الأدراج ويتجهون للأعمال الحرة) وقد تضمن الخبر: «كسر الشباب السعودي أخيرا الصورة المغلوطة التي ظلت عالقة في أذهان الكثير بأنهم شباب «كسالى»، فلم تعد تدخل محلا تجاريا إلا وتجد شابا سعوديا نفض الغبار عن ساعديه وراح يعمل بجد، بعيدا عن هموم الوظيفة، كما أنك لن تتعب كثيرا إذا ما فتشت عن شاب سعودي يعرض بضاعته في طريق عام، كبداية لشق طريق طويل نحو العمل الحر. «عكاظ» التقت عددا من الشباب الطموح الذي أودع شهادته أدراج الكسل، وراح يفتش عن رزقه في البيع والمهن الشاقة، فهو أصبح أكثر إدراكا بأهمية العمل الحر، الذي سبقه إليه الكثير من الأثرياء الذين بدأوا حياتهم العملية بأعمال مهنية بسيطة، وبيع بعض المنتجات الرخيصة إلى أن تحولوا إلى مشاهير في عالم الأعمال».

وبتاريخ 15/5/1438هـ نشرت «عكاظ» خبراً بعنوان («عاطلو الدكتوراه» لم تنقذهم من البطالة.. والبكالوريوس طوق نجاتهم) وقد تضمن الخبر: «في أتون تباطؤ وتيرة التوظيف في القطاعين العام والخاص، تبرز على السطح «بطالة» حملة الشهادات العليا، بعد أن تنامت في الأعوام الأخيرة الماضية.

أزمة «حملة الدكتوراه» تتخطى ظلالها البطالة، لتصل إلى الرضا بالعمل بمؤهلاتهم الثانوية أو الـ«بكالوريوس»، تماشياً مع قاعدة «الاستسلام كل الهزيمة»، فعلى مرتبة متدنية يرضى أحد المعلمين حامل الدكتوراه في أحد التخصصات الإدارية العمل معلماً بعد أن أسعفته شهادة «بكالوريوس» التي كان نالها قبل أكثر من ثمانية أعوام، من شبح البطالة».

وكانت صحيفة «سبق الإلكترونية» بتاريخ 30/4/1438هـ نشرت خبرا عنوانه «فكرتهم انطلقت على»سفرة الغداء«3 أشقاء تخلوا عن شهاداتهم الجامعية ودخلوا سوق العمل.. أبناء الجوهري لـ»سبق«: كَسَرْنا قيد العيب الاجتماعي.. ندرس الطب ونبيع»الحلى«في عربات بالشارع». ومطلعه قولهم:

«جَمَعْنَا بين التعليم العالي وتقديم الحلى والوجبات السريعة لنُثبت قدرة الشباب السعودي على العمل وتنظيم وقته.. لا عيب في العمل.. والمجتمع الآن يؤسس لثقافة جديدة تُشجّع على العمل في أي وظيفة.. لا تَعارض بين عملنا كأطباء وبيعنا الحلى والمأكولات في الشوارع».

.. والعجيب أنه رغم تكرار كل هذه الوقائع.. لا يزال الابتعاث مستمراً!!

السطر الأخير:

صنعة في اليد أمان من الفقر