-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
منذ 20 سنة ونيف، بدأت شبكات الإرهاب في نشر شرها، جاعلة هذا البلد الأمين هو هدفها ومقصدها، وكانت هنا وهناك حوادث فردية تتعامل معها الجهات المختصة في حينها، إلى أن بدأت هذه الجماعات بإيجاد كيان لها ومسمى وشعار، وكان أكثرها إجراما وفسادا كياني «القاعدة»، ثم «داعش» التي فاقت القاعدة في شرها وإجرامها. ولكن كما كان لهذه الكيانات الشريرة يوما لنشأتها وإسرافها في القتل والدمار، فقد كان للأمن يوم لا ينسى في دعمه وإيجاد نقلة نوعية في فكره وأدائه. هذا اليوم هو تاريخ تعيين الأمير محمد بن نايف مساعدا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية. وقد تكون ردات الفعل في حينها، كيف لرجل لم يقم بعمل رسمي مطلقا ناهيك بالأمني، كيف له أن يتسلم هذا الملف الخطير، وهل عين فقط لأنه ابن الراحل العظيم الأمير الكريم نايف بن عبدالعزيز، قد تكون تلك الأفكار دارت وإن يكن، فرجل تربى على يد وفكر نايف لا شك أنه خريج مدرسة عظيمة سواء في الفكر، وحسن التدبر، والحكمة، والفطنة. كان لي شرف العمل تحت قيادة هذا الرجل الغريب المهيب، وما هو الغريب، هو الغريب غربة الأفذاذ عن الأفكار البالية والروتين الممل والأساليب العقيمة التي لا تنتج إلا عقما في الفكر والإنتاج، وآلية أداء العمل التي مل منها الملل ذاته، وهو المهيب بقوة شخصيته وبعد نظره، والحكمة في توجيهه وتصرفاته. لقد شرفت بالعمل مع سموه الكريم سنوات عدة، خلتها أشهرا لتسارع الأحداث ودوران عجلة تطوير أجهزة وزارة الداخلية كافة. وقد كنت أعجب عندما أنقل إلى سموه فكرة جديدة تعنى بتطوير جهاز الأمن، فأجده وكأنه هو من فكر فيها، نتيجة ما أسمعه من سموه من توجيه لإنفاذ تلك الفكرة أو التوجه. كنت لا أنقل إليه مقترحا أيا كان، سواء في تحديث العمل أو شيء فيه مصلحة لرجال الأمن، إلا وأخذ به وتبناه حتى يصير واقعا ملموسا، والأمثلة كثيرة، ولكن لست في وارد ذكرها. وفي الحرب على الإرهاب كانت لا تغمض له عين حتى يطمئن على سير الخطط الأمنية ونجاحها والتنسيق منه شخصيا بين كافة الأجهزة الأمنية مع توجيهاته السديدة، وكأني بهذا الرجل لا ينام، فوقت ما احتاج أن اتصل بسموه أجده حاضرا، لا لهجة متعب، ولا ملالة منهك، ولا صوت سهران أعياه القلق، وجافاه المنام. كان حاضر البديهة لا تحتاج لطول الشرح، ومقت التفاصيل التي هي من شأن الرؤساء وليس القادة، كان يفهمها قبل أن تطير. مقالي هذا وإن قد يرى فيه البعض شيئا من الإطراء فلا أرى في ذلك غضاضة، فوالله ما قلت إلا غيضا من فيض، وجملة من كتاب، وزهرة من بستان ما يستحقه هذا الرجل الإنسان. الهدف الذي أود أن أصل إليه هو أننا كجمهور نسمع عن الإنجازات الأمنية الرائعة سواء في داخل أو خارج الوطن ونفخر بها ونعتز برجال الأمن وعلى رأسهم القائد الفذ محمد بن نايف. ولكن قد لا ندرك حجم العمل الذي تم منذ أن تسلم هذا الرجل تلك الأمانة، فتلك الإنجازات لم تكن ضربة حظ أو وليدة صدفة، بل كانت نتاج عمل دؤوب، جريء، علمي، وطني خالص، صناعة سعودية، رعتها القيادة الحكيمة لهذا الوطن، برؤية ملوكها الأفذاذ من قائد إلى قائد حتى وصلت إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الرائد وقيادة قبطان السلام والأمن وقاهر الإرهاب ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز. إن تكريم الوكالة الأمنية الاستخباراتية الأبرز في العالم هو ليس تأكيدا لهذا الدور فحسب، فهذا لا يختلف عليه لا اثنان ولا ملايين، ولكنه تكريم مستحق لقائد له الحق أن نقول له نحن ومن لا يغالط الحقيقة ولا يغتال المصداقية.. شكرا محمد بن نايف، فقد أوفيت الأمانة، وصدقت العهد.