-A +A
عيسى الحليان
ينبغي أن لا نتحدث عن تجربة دبي فقط في قطاع الطيران، وإن كنا نطرحها دائما باعتبارها النموذج الأقرب والأكثر تشابها معنا، لكن عندما نذكرها دون غيرها فهذا قطعا لا يعني أن دبي تحقق مثل هذه التطورات بمفردها، فثمة دول كثيره تحقق إنجازات مشابهة، بمعنى أننا من يتخّلف عن ركب هذه الصناعة، بعد أن كنا في مقدمتها في مطلع السبعينات.

عندما حضر وزير النقل التركي إلى جدة قدم ورقة مهمة في «مؤتمر جدة الاقتصادي» في طبعته الأخيرة (قبل بضعة شهور ) لكن يبدو أن أحدا لم يستمع لما قاله آنذاك!


الرجل أشاد بتجربة مطار المدينة المنورة الذي تم من خلال شراكة تركية (تحالف طيبة) والذي لم يكلف خزينة الدولة ريالا واحدا لأنه أقيم بنظام الانتفاع BOT، على العكس من ذلك فإن هذا المطار سوف يحقق أفضل دخل من أي مطار آخر بسبب غياب الاستثمار المالي الحكومي، ومصاريف التشغيل، وخلاف أنه تم إقامته بـ «بلاش» فإنه «أصل» سوف يعود للدولة في نهاية المطاف.

الحكومة التركية مثلا تحقق من وراء هذه الصناعة 25 مليار يورو عندما تركتها لأهلها، خلاف أنها سلمت من «وجع الراس» بعد أن سلمتها إلى شركات متخصصة، فأصبح المسافر يحصل على خدمة أفضل والدولة على عائد أكبر، وهذه هي المعادلة المعمول بها والتي تزيد وتنقص فقط من مطار لآخر، لكنها تبقى هي طرفا المعادلة والنموذج الأكثر تطبيقا في معظم مطارات العالم.

وفق هذا النموذج فاز مطار المدينة بثاني أفضل مطار بالشرق الأوسط وفقا لتصنيف مجلس المطارات الدولي متخطيا «الثلاثة الكبار» وأعادنا لأول مرة إلى واجهة التصنيفات الدولية في هذا القطاع بعيدا عن «العك» التشغيلي لبقية المطارات التي يديرها موظفون حكوميون، ويأتي فوز هذا المطار لا لكونه أكبرها أو أكثرها تكلفة أو عدد مسافرين، ولكن لسبب بسيط جدا وهو إقامته من قبل شركة متخصصة (نظام الانتفاع) وتشغيله أيضا من قبل هذه الشركة، وهنا خرجت الدولة من تكاليف الإنفاق الرأسمالي وحصل المسافر على خدمة أفضل والهيئة على مورد ثابت.

لم نكتشف العجلة، فالمطارات هي لعبة شركات متخصصة وهذا ما كنا ننادي به منذ سنين طويلة وبالتالي عندما أعيد المطار لمجاله حصلت المعجزة!.