-A +A
مها الشهري
في مقطع فيديو تداوله الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه طفلة أجنبية عادت من مدرستها وقد فاجأتها والدتها بإحضار هرة وضعتها في غرفتها، أخذت الطفلة في البكاء من شدة الفرح، ولم ألاحظ في ذلك إلا انعكاسا لمدى تقدير الطفلة لقيمة الشيء الذي أرادت الحصول عليه بصرف النظر عن قيمته المادية.

الذي يحدث أن بعض الأسر في مجتمعنا يعانون من الوصول إلى مستوى الرضا لأطفالهم رغم تفانيهم في الإنفاق المادي عليهم، مما يعني فقدان القيمة لدى الأبناء على عكس ما يقدره الكبار الذين نشأوا في ظروف مختلفة وربما يكون ذلك مدعاة لإثارة التعسف والغضب في بعض المواقف، غير مدركين بأن النتائج المخيبة للآمال ناتجة عن طريقتهم في التربية، وقد أخذ الكثير من الآباء والأمهات في توفير أحدث الألعاب والأجهزة قبل أن يطلبها أبناؤهم أو يحتاجونها على محمل الرفاه الذي كان سببا في عجز الطفل عن إدراك حاجاته، ما تسبب له في إحساسه بالغنى الذي لم يجتهد على صناعته نتيجة الإشباع المفرط لاحتياجاته والذي لا يقل خطورة عن الحرمان منه.


نعايش في هذه الآونة أجيالا يعاني بعضها من التفاهة والسطحية، فلا يهمهم شيء سوى إبراز أنفسهم من خلال المظاهر المادية حتى لو كلفهم ذلك الخروج عن حياتهم الطبيعية، وربما عايش بعضهم الحرمان أو التدليل المفرط، وذلك يحدث بشكل متكرر ويحضر في وسائل الاتصال بكثرة بالطريقة التي تجاوزت مفهوم التشارك مع الأقران إلى الابتذال، رغم فقر تلك الأشياء من المعنى والقيمة التي من المفترض أن يبني عليها الإنسان شخصيته ومعرفته بالحياة.

ليس من الجيد تعليم الأبناء على أن يكونوا أغنياء بتمكينهم من الحصول على الشيء وأي شيء بسهولة وفي أي وقت، فهو يعيق نموهم الصحيح واستقلالهم وقدرتهم في الاعتماد على أنفسهم، ويجعل حياتهم أصعب حينما يخرجون إلى الظروف الاجتماعية فلا يجدون من يحتوي إخفاقهم وعدم اعتمادهم على أنفسهم، ويصبحون عالة على أنفسهم وعلى المجتمع، حيث لابد من الموازنة ومعرفة أن حياة الطفل رحلة أولى إلى مستقبله تتطلب من مربيه التثقيف في كيفية صناعة المستقبل ومعرفة قيمة الأشياء بصرف النظر عن سعرها المادي.