-A +A
سعيد السريحي
من حق الجامعات السعودية، سواء كانت جامعات حكومية أو جامعات أهلية، بل من واجبها، أن تستقطب الكفاءات العلمية الكفيلة برفع مستوى التعليم فيها بصرف النظر عن الجنسية التي ينتمي إليها أصحاب تلك الكفاءات والبلد الذي يتم استقدامهم منه، غير أننا إذا ما علمنا أن عدد أعضاء هيئة التدريس الذين تم التعاقد معهم في الجامعات الحكومية وحدها من غير السعوديين يبلغ ٢٦ ألف متعاقد ومتعاقدة، وإذا ما أضفنا إليهم عدد الذين تعاقدت معهم الجامعات الأهلية، كان من حقنا أن نتساءل عما إذا كانت هذه الآلاف المؤلفة من المتعاقدين تمتلك من الخبرة والكفاءة وتتميز بالمستوى العلمي الذي لا يبلغه المئات من حملة الدكتوراة والآلاف من حملة الماجستير من السعوديين والسعوديات، سواء كانوا ممن تخرجوا في جامعات عالمية لا تقل مستوى عن جامعاتنا السعودية إن لم تتفوق عليها، أو ممن منحتهم جامعاتنا السعودية شهادات الدكتوراة ثم تنكرت لهم حين رأتهم غير جديرين بالعمل فيها وراحت تتعاقد مع أساتذة من الخارج يحملون نفس الدرجات في نفس التخصصات، وكأنما هي بذلك تتشكك في كفاءة من منحتهم شهادتها وتشكك في مصداقية الشهادات التي تمنحها.

وإذا ما علمنا أن الغالبية العظمى ممن تتعاقد معهم الجامعات إنما هم أساتذة مساعدون سقطت مقولة التميز العلمي الذي تتعلل به جامعاتنا، فمن أين يكون هناك تميز يميزهم عن حملة نفس الدرجة من السعوديين والسعوديات إذا كان أولئك المتعاقدون لم ينجزوا أبحاثا أهلتهم للترقية في جامعاتهم التي يعملون بها في بلدانهم؟!


بطالة حملة الدكتوراة في بلد به ٣٤ جامعة، يعمل في الجامعات الحكومية منها فقط ٢٦ ألف متعاقد، لا يكشف عن خلل نظامي فحسب، بل عن خلل أخلاقي يحتاج إلى تدخل الجهات الرقابية لمعرفة ما الذي يميز كل هؤلاء المتعاقدين كي تستقدمهم جامعاتنا تاركة أبناءنا الذين تخرجوا منها أو تم ابتعاثهم إلى جامعات أفضل منها يعانون من البطالة ويندبون حظهم العاثر حين توهموا أن تفرغهم للعلم وحصولهم على الشهادات العليا سوف يوفر لهم حياة كريمة.