-A +A
مي خالد
يحكمنا منطق تاريخي استشراقي مزيف يقول إن الدين للشرق والعلم للغرب، ولعل هذا المنطق ما يجعلنا مادة ساخرة ثابتة في برامج «الشو» الغربية. كما حدث أخيرا مع فتوى تحريم التصوير مع القطط، وحدث قبل ذلك مرارا مع فتاوى مثل قتل ميكي ماوس ونحوها.

فكل تركيز الإعلام الغربي كما هو واضح على أخبارنا الدينية ومشاكلنا الاجتماعية ذات الصبغة الدينية.


ومنطق أن الدين للشرق (الذي عاصمته الإسلامية المملكة العربية السعودية). والعلم للغرب. هو منطق مزيف لأن التاريخ يثبت أن الحراك العلمي نشط في منطقتنا العربية لعشرة آلاف سنة ولم ينتقل عنها إلا منذ أربعمائة سنة فقط. فالإسلام يحض على العلم والمعرفة ويزكي العلماء.

وهو حين انتقل للأسف حمل جميع حقائبه. فلقد تراجع دور المثقف في منطقتنا فلا نجد له دورا في أي حراك ثقافي أو سياسي بل نجد هذه الفعاليات يقودها إعلاميو الفضائيات ومحللوها غير المختصين علميا. فتجد محلل مواضيع الإرهاب ليس باحثا في المجال الأمني مثلا أو عالم اجتماع بل هو إرهابي سابق. وظل الوضع لبضعة أعوام على هذا الوجه المعكوس حتى ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مثل تويتر والسناب شات فأصبح روادها هم صانعي الرأي العام وقواد الفكر بثرثرتهم وبشعبويتهم ولا عقلانيتهم وضحالتهم الفكرية سواء منهم أرباب السوابق الظلامية والعنصرية من جهة أو معتنقو النيوليبرالية الأمريكية من جهة أخرى.

حتى الكتب أصبحت كشاكيل لجمع المحتوى الفارغ الذي نشروه على الإنترنت. وهم الضيوف الدائمون في المؤتمرات الثقافية والعلمية وعلى برامج الحوارات المسائية.

أفل المثقف السعودي القديم ومسح يده من نفسه. أو غيّر فريقه في محاولة لجذب انتباه الفريق الآخر لكن دون جدوى. فمثلا إلى تاريخ كتابة هذا المقال وقوائم الظلاميين التي تصنف المجتمع وتضع أسماء أفراده في قوائم للكراهية تحوي اسم الدكتور عبد الله الغذامي بوصفه ليبراليا على الرغم من إعلانه البراءة من الليبرالية الموشومة «حسب عنوان إحدى محاضراته» وعلى الرغم من تغريدته التي تناولتها الأسبوع الماضي في هذه الزاوية حين قال إنه: (مسح يده من المثقفين).