-A +A
عبير الفوزان
في عام 2004 شاهدت فيلم «بحب السيما»، في السينما. هذه الأيام شاهدته للمرة الثانية بعد الجدل البيزنطي في مواقع التواصل الاجتماعي حول ذلك المشروع الترفيهي، الذي سيتم الإفراج عنه بعد عقود من الزمن ليكون رافدا ثقافيا هاما لمن يعرف ولمن يهرف.

شخصيات تويترية تظن أنها أكثر الناس تقى وتدينا عندما تقف موقف الرافض من وجود سينما في بلاد الحرمين، فيقسمون بأغلظ الأيمان للبر بأفعال مضحكة جعلت منهم مثارا للتندر، فأحدهم لن يتزوج فتاة وطأت قدمها على أرض السينما، والآخر من الحزن أصبح يبول دماً عندما سمع بأمر السينما! ولو كانت هذه الشخصيات رشيدة لفكر الأول هل ستوافق من تحب السينما على القبول به زوجاً، ولذهب الآخر يفحص كليتيه، فربما كان مصاباً بالتهاب خطير، وهو غافل عنه ومشغول بكتابة تغريدات غبية.


تلك الخزعبلات أعادت فيلم «بحب السيما» إلى ذاكرتي، وأعادت معها شخصية الأب عدلي الذي كان يرى أن السينما من المعاصي ويحرم ابنه الصغير (نعيم) من الذهاب إليها، بينما نعيم كان يحب السينما حد الشغف، ويتحايل كي يشاهد فيلما في السينما. كان الأب عدلي يعاني من خوف مرضي حول حياة زوجته وأسرته إلى جحيم لا يطاق، مما دفع زوجته لخيانته.

عدلي الذي يرى أن السينما من المعاصي لا يختلف عن بعض الشخصيات التويترية المضحكة لدينا، لكن هذه الشخصية كانت في مصر، في زمن الستينات الميلادية، والغريب أنه لم يكن مسلماً متطرفاً، بل كان قبطياً متشدداً يعمل أخصائياً اجتماعياً في مدرسة، وكان من السهل استغلاله، واستغلال خوفه من الله.

التطرف والتشدد ليسا حكرا على دين أو مذهب، بل مرض نفسي يحتاج إلى علاج يُبنى على حسن الثقة بالله والمجتمع، والتخفف من الخوف المرضي الذي يصل أحيانا إلى حد الهوس، ويقلب حياة المحيطين به إلى جحيم دون أن يدري.

لكل الرافضين للسينما والترفيه خوفا من الوقوع في فخ المعاصي أنصحهم بمشاهدة فيلم (بحب السيما)، وللعلم هو مخصص للكبار، فوق 18، أنصحهم بمشاهدة (عدلي) الأب الذي يشبههم كثيرا.. ومشاهدة الراوي (نعيم) الابن الذي انتصر بشغفه وحبه على الخوف.. مشاهدة ممتعة أتمناها لكم.