-A +A
عبده خال
في جلسة جمعتني ببعض الأصدقاء كان النقاش دائرا حول فحوى وجود هيئة الترفيه، وهل يمكنها أن تؤسس لوجود مناشط حياتية من غير الاصطدام بالواقع، وقبل أن يطول الحديث كان أحدهم يقول إن الهيئة تراجعت عن طموحاتها لوجود رأي يقول إن الحفلات مدعاة للاختلاط.

صحت بصديقي:


- على هونك.. ما هذه الحجج الواهية؟

قاطعني بصلف:

- انتبه هذه آراء معتبرة.

قلت له: الرأي لا يعني أنه مقدس.. بل هو رأي قابل للنقاش، ثم أن المجتمع شرائح متعددة إذ يمكن لشريحة واحدة أن ترفض السينما وإقامة الحفلات الغنائية، بينما هناك بقية الشرائح ترحب بهذا الفعل، وما دام الرأي رأيا فهناك حجج كثيرة تدفع بهذا الرأي ولا تمكنه من التعميم..

صمت لأوجه سؤالا لهم:

- هل تعيشون في الواقع أم أنكم لا تزالون في زمن الأبيض والأسود حين كان الناس يتلقون الرأي الواحد وهذا بداية سؤالي، ولكي أكمله عن التغير الزمني في حياة الناس سوف أقول لكم... كل بيت توجد به سينما من خلال القنوات المختلفة المنتشرة في الفضاء وإذا كانت الخشية من الأفلام الإباحية أو الأفكار المنحرفة فهي مما يحدث في البيت وليس أمام البشر ولأننا أمتنا الرقيب الاجتماعي بدفعنا الناس لفعل كل شيء في الخفاء، أصبحت البيوت غير آمنة إذ تمارس بها كل الأمور التي نخشى ظهورها في العلن، فأصبحنا مجتمعا محافظا متناقضا، أي أن الصورة في الأمام لها (نيجتف) خلفي أكثر سوداوية مما نتصور.

فقال أحد الأصدقاء: هذا أفضل من المجاهرة؟

قلت له: عندما يكون الفعل غير محرم ولا يحق لك ممارسته إلا داخل البيت تصبح كل الرذائل مجتمعة نمارسها داخل البيت... وهذه هي الكارثة التي نعيش بها. بمعنى: دعوا الناس تمارس الحياة الطبيعية وسوف يكون المجتمع رقيبا على أي تصرف يخدش الذوق العام.

قال أحدهم: دع عنك الفلسفة هذه آراء شرعية.

فأجبته: الاحتياج يخلق الفعل الموازي لأي رأي يمنعه من مواصلة حياته الطبيعية.

ربما احتجت إلى أخذ نفس عميق وأنا ألقي سؤالي:

- ما فائدة وجود هيئة للترفيه وهي لا تستطيع فعل أي أمر يدخل السعادة للناس، فكلما توجهت في اتجاه قيل لها قفي مكانك؟ وكأن هذه الهيئة تردد البيت الشهير:

ألقاه في البحر مكتوفا وقال له... إياك إياك أن تبتل بالماء.