-A +A
سعيد السريحي
من عجائب الاقتراحات ذلك الاقتراح الذي اقترحته اللجنة المؤقتة المكلفة بأعمال مجلس التعليم العالي على الجامعات السعودية، والذي رأت فيه عدم تعيين المعيدين في الجامعات، واستقطابهم بنظام التعاقد لفترة معينة، ثم يتم تعيينهم بعد الاطمئنان إلى مستواهم العلمي.

والعجب العجاب ليس فيما يسببه ذلك الاقتراح من قلق لمن تقوم الجامعات باختيارهم كي يكونوا معيدين على مستقبلهم المعلق بين التعاقد والتعيين في مرحلة هم أحوج ما يكونون فيها للتفرغ لدراساتهم العليا، العجب العجاب ليس في ذلك فحسب وإنما تجاهل أن الجامعات إنما تقوم عادة باختيار المعيدين من بين الذين درسوا في كلياتها، وهذا يعني أنها تابعتهم طوال سنوات أربع أو خمس عرفتهم خلالها حق المعرفة وعرفت من هو الجدير منهم بأن تختاره معيدا وتتيح له فرصة استكمال دراساته العليا كي ينضم إلى هيئة التدريس فيها، ولذلك لا يصبح معنى لما اقترحته تلك اللجنة التي يبدو أنها في وادٍ والآلية المتبعة لاختيار المعيدين في وادٍ آخر.


الأزمة الحقيقية التي فاتت على اللجنة المؤقتة والتي تمثل مشكلة حقيقية في كثير من الجامعات إنما هي تلك الأزمة التي تبدأ بعد حصول المعيدين والمحاضرين على درجة الدكتوراه وتعيينهم أساتذة مساعدين، فكثير منهم لا يلبث أن يخلد إلى الراحة مكتفيا بما كتبه في رسالتي الماجستير والدكتوراه، وربما مكتفيا كذلك بما قرأه خلال إعداده للرسالتين من كتب، ولعل الوجه الظاهر لتلك الأزمة ما تشهده الجامعات من تكدس للأساتذة المساعدين فيها حتى بات الحاصلون على درجة الأستاذية قلة قليلة وكثير منهم يتوقف مشواره العلمي بعد حصوله على درجة الأستاذية التي بقي يطاردها بأبحاثه التي يستهدف من خلالها الترقية فإذا ما حصل عليها راح يغط في نوم عميق لا يوقظه منه غير التقاعد.