-A +A
محمد العصيمي
هذا هو مقالي الأخير في هذه الزاوية العكاظية، التي تعودت وتعودتم عليها لثلاث سنوات، بعد أن حانت العودة إلى بيت صحفي آخر هو صحيفة (اليوم) الشرقاوية. أي أنني عبر الوطن الكبير والعزيز أنتقل مرة أخرى، من الغرب إلى الشرق ممعنا في مخاطبتكم، قدر ما أستطيع، لنكون دائما أفضل وأكثر قدرة على الاستجابة للتحديات وضرورات التنوير. أما لماذا مرة أخرى فلأن قدري في الكتابة الصحفية تقلب بين الصحيفتين العزيزتين، من غير أن أغفل أهمية المرور الطويل أو القصير بصحف محلية أخرى مثل الرياض والاقتصادية، وصحف عربية مثل صحيفة (العرب) اللندنية.

منذ 20 سنة وأنا إما أكتب زاوية أسبوعية في صحيفة اليوم أو زاوية يومية في صحيفة «عكاظ» ثم يحدث العكس، إذ أعود لكتابة زاوية أسبوعية في «عكاظ» ثم أنتقل لكتابة زاوية يومية في اليوم، وهكذا بنيت اسمي، إن كان لي اسم، في الكتابة الصحفية بفضل الصحيفتين التاريخيتين والكبيرتين اللتين، وهذه شهادة حق، لم تقصرا معي باقيا أو راحلا. شهادة حق أخرى وهي أن الصحيفتين، في تعاملهما معي ككاتب، كانتا بمنتهى الاحترافية وهو أمر لا نجده في كثير من الصحف العربية في تعاملها مع الكتاب، حتى أن كاتبا ومفكرا مرموقا مثل الدكتور تركي الحمد اشتكى مرة من أن إحدى الصحف كانت تغير في مقالاته أو تمنع نشرها دون أن تتشاور معه ليفاجأ في اليوم التالي بما حدث. وقد يكون هذا سبب زهده في الكتابة الصحفية في الوقت الحاضر.


«عكاظ»، وأنا أسجل لها ذلك في مقالة رحيلي، أكثر الصحف احترافا وأكثرها احتراما للكاتب ومقالاته إلى درجة أنه إذا لم يكن الكاتب متاحا أثناء اتصال التشاور تأتيه رسالة دقيقة تخبره بما تم على مقالته من تغيير. والتغيير ليس دائما متعلقا بسقف الطرح أو جرأته، بل أحيانا يكون لصالح الكاتب والمقالة من حيث توقيت وموثوقية ما يطرح. أي أن الصحيفة، في هذه الحالة، تساعد الكاتب ليكون أفضل حين يخرج لقرائه في الغد. وعلى أساس من هذا التعامل الراقي تعلمت كثيرا من تعامل العكاظيين معي كما هو الأمر، بطبيعة الحال، مع كل الكتاب. ولا أذكر أنني اعترضت مرة على أي إجراء يتخذونه في مقالاتي، لأنهم كانوا منطقيين ومقنعين في أسباب التغيير.

الآن وأنا أرحل أريد أن أزجي لهم الشكر والامتنان لكل ما محضوني إياه من محبة وحسن تعامل. وأخص بالشكر وباقات الورود كلا من رئيس التحرير الأستاذ جميل الذيابي ونائب رئيس التحرير الأستاذ هاشم الجحدلي والأستاذين عبدالله العقيلي وسعيد آل منصور. وأشكر، بقلب عامر بحبهم، قراء «عكاظ» الذين تابعوني وتحملوني وأعطوني بكرم بالغ ثقتهم ووفاءهم.