-A +A
محمد العصيمي
أسفت فعلا لتأخري في زيارة صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة بالدمام، لأن ما شاهدته فيه يوم الإثنين الماضي يبعث على السرور ويبعث على الاطمئنان بأن بناتنا، رغم كل الحواجز والمحاجر، يتفوقن على أنفسهن ويبدعن أفكاراً وأعمالاً تفاجئك حين تراها مطبقة على أرض الواقع. كنت بحق في غاية السرور والغبطة وأنا أستمع إلى حديث رئيس الصندوق التنفيذي الأستاذ حسن الجاسر وعرض نائبة الرئيس الأستاذة هناء الزهير عن مبادرات الصندوق. هناك، كما قلت لهما، بيئات عمل وإنتاج رائعة وصحية لا نصدق حتى أنها موجودة على مثل ما سمعت منهما أو بمثل ما رأيت في (رواق بيادر) الذي أنشأه الصندوق في مبناه الجديد بصناعية الدمام الأولى.

أما لماذا لا نكاد نصدق بوجود مثل هذه البيئات، الصالحة والناجحة، فلأننا لا نعرض أنفسنا إلا لبيئات الظلام والإحباط. ولا نتفاعل إلا مع تكسير مجاديف المبادرات والانطلاقات الرائدة التي، للأسف الشديد، لا يعيرها الإعلام اهتمامه وعنايته بقدر ما يعطي هذا الاهتمام وهذه العناية لإثارات المتكسبين وشكاوى المحبطين والسلبيين. مئات البنات، المتحمسات والرائدات، تلقين دعم الصندوق لمبادراتهن في مجال الأعمال التجارية، ليس فقط على صعيد الدعم المالي بل على صعيد البناء الفكري السليم (للبزنس) والجودة والمنافسة والريادة الحقيقية التي تتجاوز الشعارات وعناوين التصريحات الرسمية.


في الانتقال من محل إلى آخر في رواق بيادر كنت مبهوراً بالثقة التي تخاطبني بها كل بنت من بنات الرواق وهي تشرح فكرتها ومنتجها ودراستها ودعم الصندوق الذي مكنها من تحقيق حلمها وطموحها. وكان واضحا جدا أن هذه الأحلام والطموحات ما تزال في بداياتها، حيث تخطط كل واحدة منهن إلى مدى أبعد في تنمية أعمالها وتوسيع دائرة عملائها في السوق. ولأنني كنت أرغب بمزيد من حقن التفاؤل فقد ألححت على صانعة شوكولاتة فاخرة عن حجم إنتاجها وكيفية تسويقه وما هي القيمة السوقية لمنتجها الآن، إلى آخره من الأسئلة التي انتهت إلى أن مثل هؤلاء البنات، وغيرهن من بنات وشباب في عموم المملكة، ينتظرون تبني رجال وسيدات الأعمال الكبار لإبداعاتهم وإنتاجهم، حيث لا يقدر كثير منهم، رغم جدارته، على إيجار 100 متر في مول أو سوق محترم ليكبروا أكبر وينافسوا أكثر. أي رجل أعمال أو تاجر بإمكانه أن يتبنى هذه الأعمال المبتكرة الناجحة ويدخل فيها باعتباره شريكاً ممولاً بالطريقة التي يتفق عليها مع صاحب أو صاحبة الفكرة والمنتج الذي أثبت جودته وجدارته. وبذلك تكتمل دائرة دعم الأعمال الشبابية الرائدة، حيث تتولى مؤسسة مثل صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة دعم الأفكار وتمويل عملية تنفيذها في البداية ثم إذا نجحت وجدت من ينقلها إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة الدخول بقوة إلى السوق ومنافسة المنتجات المستوردة بمنتج محلي جدير بهذه المنافسة. وهكذا، في رأيي، نصعد بآمال أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة ونعظم عوائدها فعلاً على اقتصادنا الوطني.

بقي أن أقول شكراً جزيلاً لقيادات الصندوق وموظفاته ولكل بنات رواق بيادر على ما أنعموا به علي من السرور والتفاؤل الكبير بمستقبل شبابنا وبناتنا. نحن بخير ما دمنا نحتفي بالإنجاز والإبداع والابتكار وما دمنا لا نلتفت لمناطق الظلام والإحباط وعصي الدواليب.