-A +A
مها الشهري
حمل الأسلحة البيضاء والنارية واستخدامها في بيئات التعليم تعتبر من المؤشرات الخطيرة التي تتطلب التدخل والعلاج السريع والمباشر، فهي تبرز ظاهرة العنف وتفسر مدى اتساعها بين طلاب المتوسطة والثانوية وكذلك طلاب الجامعات والتي أخذت تتكرر أحداثها على فترات متقاربة.

العنف لا يولد إلا من العنف، حيث إنه يستخدم كوسيلة دفاعية أو يكون ناتجا عن الميل للعدوانية، غير أنه يأخذ عدة أشكال؛ منها ما يوجه من قبل المعلمين نحو الطلبة أو العكس، ومنها ما يكون بين الطلبة فيما بينهم، ومنها ما يكون ناتجا في أصله عن عنف التنشئة والمؤثرات الداخلية (كالأسرة) أو المؤثرات الأخرى الموجودة في البيئة ومحيط الفرد، والواقع أن العنف قد يكون فكرة مكتسبة من مواد إعلامية متضمنة لأفعال ومظاهر عنيفة وتكون في متناول الجميع دون رقابة، كذلك قد تؤخذ من الألعاب الإلكترونية التي يقضي عليها الكثير من الشباب والأطفال أوقاتهم الطويلة في التفاعل معها والتأثر بها، وقد تترجم هذه الفكرة لاحقا وتظهر على السلوك بشكل أو بآخر.


يتضح مما سبق أن ظاهرة العنف ومدى انتشارها يقاس على مدى تزايد المشكلات النفسية والاجتماعية والعلاقات العكسية التي بينها والتي تتغذى منها هذه الظاهرة وقد تتطور إلى حالة من العنف الجنائي إذا استمرت المؤثرات أو تأزمت الحالة، مما يشكل خطرا كبيرا على المجتمع الذي تتنامى فيه دون معالجة.

قد يرى بعض المعلمين أن مكانته كمعلم اختلفت عن مكانة المعلم الذي تعلم عنده أيام طفولته، وقد يظهر الجيل الحالي والأجيال المقبلة بشكل يوصف بقلة تقديم الاحترام نسبة إلى سابقيهم، ففقدان هذه المكانة قد يرافقها أسلوب من العنف يجعل المعلم والمعلم الجامعي يظن أنها تعوضه الشعور بالنقص كمحاولة منه لإثبات وجوده، إضافة إلى أن السلطة المطلقة التي تمنح للمعلم الجامعي وتجعل منهجية التعليم خاضعة لمزاجيته أو تابعة لأخلاقياته والتي قد يقع العديد من الطلبة ضحية لها هي إحدى وأهم المسببات في تزايد العنف بالبيئات الجامعية التي تجعل الطالب يبحث عن وسيلة للانتقام من معلمه كما حدث في جامعة الطائف، ولو أن سلوك الطالب في هذه الحالة ليس مبررا إلا أن معالجة أسبابه من الأمور التي يجب العمل عليها للحد من نتائجها الكارثية.

كلما كان محيط الفرد أكثر إنماء واحتواء له قلت ظاهرة العنف في شكله اللفظي أو السلوكي وبشكل كبير، سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة، وهذا يتطلب عملا مجتمعيا متكاملا يكفل للفرد تنشئة سليمة تحارب كافة أشكال العنف وظواهره.