-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
استبعدت وزارة الصحة ما يقارب 80% من مديري المراكز الصحية على مستوى المملكة، الذين لم يجتازوا أو تغيبوا عن اختبار نفذته الوزارة، وتركز على ثلاثة جوانب هي: الرعاية الصحية الأولية ومفهومها، والإدارة والقيادة، وجودة الخدمات الصحية. في المقابل لوّح عدد من المستبعدين باللجوء للقضاء إن تم تكليفهم بمهام أو أعمال خارج تخصصاتهم الإدارية التي يشغلونها طبقا لتصنيف وزارتي الصحة والخدمة المدنية.

نحن بالفعل أمام إشكاليات متشابكة تواجه تطوير هذه المنظومة التي تعد العمود الفقري للرعاية الصحية الأولية بمفهومها الوقائي والعلاجي، خاصة أن عددها على مستوى المملكة يبلغ تقريبا نحو 2300 مركز، ولدى الوزارة خطة لتحديثها وقطعت شوطا في ذلك، ولا تزال البقية تواجه معوقات تدركها الوزارة والمديريات الصحية وتنعكس على المراجع ومستوى الخدمة، وفي مقدمتها أزمة المباني المستأجرة والنقص في بعض التخصصات الطبية وعدم توفر أطباء لها، ومتاعب روتين التحويل إلى المستشفيات، بينما المرض لا ينتظر ولا الألم يمنح وقتا للمريض، وفي نفس الوقت دخول 80% من المديرين في أزمات وظيفية يعني ارتباكا بشكل أو بآخر في أداء هذا القطاع العريض للرعاية الصحية.


نعلم أن تطوير مراكز الرعاية الصحية ضمن أولويات الوزارة بالتوازي مع خطة للمستشفيات بزيادتها عددا واستيعابا وتحديث إمكاناتها وخدماتها، ولا ندري هل ومتى وكيف تصل إلى الأهداف المرجوة أمام الحاجات المتزايدة للرعاية الصحية مع الزيادة السكانية والتمدد العمراني وهذا يطول شرحه. لذلك نظل في موضوع رسوب هذه النسبة الكبيرة من مديري المراكز الصحية وتقاذف الأطراف للكرة، فالوزارة ببساطة هي من قامت بتعيينهم مديرين إن كانوا من إداريين متفرغين أو من أطباء لديهم عملهم الطبي، ويفترض في الأساس تعميم خطة تأهيل إداري وتوفير إمكانيات ومن ثم تجري ما تشاء من اختبارات واجبة.

إذا نظرنا لدائرة أوسع سنجد نفس الإشكالية في قطاعات أخرى كالقطاع المدرسي الذي بات يخضع فيه مديرو المدارس لاختبارات قياس، وهذه خطوة جيدة حتى وإن كانت لا تروق للبعض ممن يستصعبون جلوسهم على مقاعد الاختبار بعد أن ارتاحوا على مقاعد الإدارة المدرسية، والحال نفسه في قطاعات أخرى كالبلديات سنجد أن شيئا من الرقابة أو الاختبار يكشف أيضا خللا ومعوقات عديدة، علاجها في تطبيق مفهوم الإدارة الذكية وأبحاث وخطط تطوير ومتابعة جادة.

البعض لا ينظر لثقافة الإدارة ومفهومها إلا حسب ما يراه هو، لا كما يجب أن يكون عليه العمل لتنفيذ أهداف متصلة وآليات دقيقة، فالمؤسف أن نقرأ ديباجات رنانة من هذه الجهة أو تلك في قطاعات تنفيذية، بينما ما خفي سلبيات كامنة لا تتكشف إلا في تقارير الرقابة.

إذا كان الكثير من مباني المراكز الصحية مستأجرة بكل مثالبها، هي حالة تدركها الوزارة ويشكو منها بعض مديري المراكز، فإن الجانب الآخر يكمن أيضا في ترهل الأداء والتراخي وضعف الجودة ببعض المراكز، وربما تحت سمع وبصر مديريها دون أن يحرك البعض ساكنا وهو يرى تكدسا أو نقص في الخدمات أو غياب طبيب، وكأن على المراجع أن يتحمل ما يعانيه المركز من كل تلك المشكلات تحت شعار (الجود بالموجود) وهكذا المعوقات لا تبدأ بمن رسبوا أو تغيبوا عن الاختبار، إنما تشابك وتبادل تعليق شماعات يكشف عورات إدارية تمثل رسوبا أكبر يحتاج لدراسة وعلاج متكامل.