-A +A
حمود أبو طالب
يوم الثلاثاء ورغم الحدث الكبير المتمثل في انعقاد القمة الخليجية الـ٣٧ فإن الإعلام المحلي والخارجي كان منشغلا بالأحكام التي صدرت بحق ما تم تسميتها خلية التجسس الإيرانية التي تم كشفها عام ٢٠١٣ وجرت محاكمتها حتى صدور الأحكام بحق أفرادها. ومنطقي جدا أن تحظى هذه الخلية باهتمام خاص، لأنها مختلفة كثيرا عن كل ما تم ضبطه سابقا من خلايا، من حيث نشاطاتها وأهدافها وارتباطاتها واتصالها المباشر بأعلى سلطة في إيران، المرشد الأعلى، الذي لا يشرف بنفسه إلا على المهمات الكبرى ولا يحظى بالعمل تحت إشرافه مباشرة إلا القليل من المسؤولين الكبار.

هذه الخلية أرادتها إيران نخبوية في مستواها، لأن المهام الموكلة إليها تختلف عن مهام البسطاء الذين يلقون قنابل المولوتوف ويغتالون بعض أفراد الأمن ويثيرون الشغب في بعض المناسبات. إنها خلية مكلفة بمهام إستراتيجية خاصة تتعلق بالمعلومات العسكرية والأمنية ذات السرية العالية ونقلها مباشرة إلى الاستخبارات الإيرانية عبر وسائل تشفير متطورة، أو خلال اللقاءات السرية في طهران والعراق ولبنان. خلية نخبوية في مستوى تعليمها ومواقعها المرموقة وتخصصاتها المهمة كي تستطيع تنفيذ مهمتها بدقة عالية، ولو استطاعت ذلك واستمرت لوقت أطول لألحقت أضرارا غيرمسبوقة بالوطن.


بالتأكيد ستنفي إيران هذه القضية كعادتها رغم اعترافات المتهمين ووجود الأدلة الدامغة وثبوت التهمة، وستزعم أن المحاكمة سياسية وليست قضائية في تهم تتعلق بالأمن الوطني، وستتجاهل توفر كل اشتراطات المحاكمة القانونية من وجود محامين ومرافعات لأكثر من ١٨٠ جلسة على مدى أربع سنوات، وأحكام براءة لشخصين وسجن لـ١٥ شخصا، ولو لم تكن جريمة الـ١٥ الآخرين تستحق حكم القتل تعزيرا لما قررت المحكمة ذلك. ولكن لتقل إيران وأذنابها وعملاؤها ما يقولون، فالخيانة الوطنية بهذا الشكل من الخطورة هي جريمة ضد كل مواطن حر شريف، والقصاص هو إنصاف للوطن وحماية له، وهذه الأحكام مطلوبة بحق كل من يخون وطنه لصالح أي دولة أو تنظيم أو جهة تستهدف وطننا.

وبقي أن نقول هل يحتاج العالم إلى مزيد من الأدلة على فساد هذا النظام وضرره وتدخله في شؤون الآخرين لتحقيق وهم توسعه وسيطرته وفرض أيديولوجيته وبسط نفوذه؟.