-A +A
سعيد السريحي
يبدو أن المجتمع لا يزال هو الشماعة المفضلة التي لا يتردد بعض المسؤولين ولا تستنكف بعض التقارير عن تحميلها فشل كثير من المشاريع أو تأخر جوانب كثيرة في التنمية، كما يبدو أن تحميل المجتمع المسؤولية أسهل من التساؤل عن غياب المتابعة والمراقبة وما سيتبعها من محاسبة، كما هو أسهل من الاعتراف بالافتقار إلى النظم والقوانين التي ينبغي لها أن تحمي الخطط والمشاريع والمنجزات من الوقوع في براثن الإهمال أو التعرض لفوضى التنفيذ أو الارتهان لرؤية فئات محددة من أطياف المجتمع.

آخر تلك الأسطوانات المشروخة التي لا يزال بعضهم يرددها تحميل المجتمع العجز عن توفير الكوادر الفنية الكفيلة بسد احتياج القطاع الخاص للأيدي العاملة والحديث عن الحاجة إلى (تغيير نظرة المجتمع للعمل المهني)، فإذا كان المجتمع قد قدم للمؤسسة العامة للتدريب ٤٦٢٤٠ متدربا ومتدربة خلال الفصل التدريبي الأول من هذا العام بزيادة قدرها ٣٦٪ على عدد المتقدمين والمتقدمات العام الماضي فإن ذلك يعني أنه مجتمع متفهم لقيمة العمل المهني مقدرا حجم الحاجة إليه مما يؤكد على أن الحاجة إلى تغيير نظرته إلى العمل المهني مجرد محاولة للهروب من الأسباب الحقيقية التي تحول دون انخراط خريجي المؤسسة العامة للتدريب في الأعمال التي تم تأهيلهم لها، وهي أسباب تبدأ من استمرار فتح الباب لاستقدام العمالة من الخارج وتنتهي إلى غياب التنظيمات والقوانين الضابطة للعلاقة بين العمال وأصحاب المنشآت والكفيلة بتوفير حقوقهم والتي يقف على رأسها تحديد الحد الأدنى للأجور وتوفير سلم وظيفي لا تزال كثير من المؤسسات لا تعترف به على نحو يعرض العاملين فيها لتجمد الرواتب والافتقار إلى أي رؤية مستقبلية يبنون عليها خططهم ومشاريعهم.


إن على الذين يحملون المجتمع مسؤولية ما يواجهونه من فشل أو يتسمون به من تهاون ويطالبون بتغيير نظرته أن يعلموا أنهم هم الذين بحاجة إلى تصحيح نظرهم كي يعرفوا مدى الحاجة للنظم والقوانين التي تكفل للمجتمع حقوقه ولمشاريعهم وخططهم النجاح.