-A +A
عبدالرحمن اللاحم
حذر أحد خطباء الجمعة في مدينة الرياض من انتشار ظاهرة (شاهي الجمر)، وكان توجس فضيلته على ما يبدو نابعا من مفردة (الجمر) واقترابها من كلمة (الخمر) على ما يفهم من سياق حديثه، ولا أحد يفهم لماذا هذا الخطيب غاضب على شاهي الجمر والشباب الذين يمتهنون بيعه للمارة ويعينهم ما يكسبون من ورائه على تأمين مستلزمات يومهم، كما أننا لا نفهم ما دخل منبر الجمعة بهذه الأشياء، وما علاقة المصلين بالتوجسات والأوهام والوساوس التي يحملها الخطيب حتى يضيع أوقاتهم وجمعتهم في سماعه.

لقد وصلت المنابر إلى درجة لا يمكن السكوت عنها من التسييس والابتذال والبعد عن المقصد الشرعي من خطبة الجمعة، حيث الوعظ وترقيق القلوب لا أن تكون ناطقة رسمية لآراء من يعتليها ويمسك بتلابيبها، والقضاء على هذه الظاهرة لا تكون إلا بخطة شاملة تبدأ باختيار الخطيب وفق معايير محددة يتبعها متابعة صارمة لكل من يحاول أن يختطف المنبر لشخصه ويسوق من خلاله آراءه السياسية والفكرية، ثم تأتي الخطوة الأهم والتي تأخرت كثيرا دون مبرر وهي توحيد خطبة الجمعة، وأن لا تكون متروكة لمشيئة الخطيب وإنما تكون الخطبة مكتوبة من قبل لجنة مختصة من المتخصصين تراعي التنوع في الطرح وتستحضر المقاصد الشرعية لخطبة الجمعة مستهدية بذلك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعده من الصحابة والتابعين، عندها لن يجد خطيب (شاهي الجمر) مكانا في منبر جمعة لأن أمثاله لا يستحقون أن يعتلوه أو يمكنوا منه، ولن نسمع أصوات المحرضين ولا دعاة الطائفية والفتنة؛ لأن المنابر التي كانوا يصرخون منها ستحجب عنهم وسيحال بينهم وبينها، إلا ان كل ذلك لن يحدث إلا إذا استيقظت الوزارة المعنية واقتنعت قيادتها بأن هذه المنابر تحت سلطتهم.