-A +A
عبده خال
تناقلت الصحف يوم أمس خبر تهرب قاضٍ من تنفيذ حكم نهائي.

ومع هذا الابتسار الشديد يكفي أن ترفع عشرات من علامات الاستفهام والتعجب، إذ كيف لقاضٍ أن يتهرب من حكم قضائي، فكيف لو تم استكمال الخبر؟


إذ «صادقت محكمة الاستئناف في منطقة الرياض، على حكم يلزم قاضيا شرعيا بدفع مليونين وستمئة وأربعة وسبعين ألف ريال لمواطن كان قد أخذها منه بالتزامن مع ممارسته بالفترة المسائية دور الوسيط لشراء عقار قبل أن تتوقف إجراءات المبايعة».

والقضية دائرة منذ عام 2012 والتي استلم فيها القاضي 4 ملايين ريال كوسيط لشراء الأرض ثم تناقصت بالاتصال الحبي إلى أن تبقى المبلغ المذكور الذي حكم على القاضي بسداده.

إلا أنه ظل يتهرب من التنفيذ والقضية ليست هنا، القضية في كونه قاضيا، فالمنصب يفترض خصائص معينة يجب أن يكون عليها القاضي كسلوك لا ترقى إليه الشبهات في أي شيء.

وإذا كان الاختيار للقاضي قائم على عدة صفات (كالكفاءة والاستقامة والأمانة والاستقلالية والنزاهة والشرف) فإن الاشتغال بأي مهنة موازية لمهنة القضاء سوف تؤثر على أي صفة من صفات الاختيار وبالتالي تسقط عدالة القاضي.

وبعيدا عن هذه القضية التي حُكم فيها، أجدني في حالة انتشاء لأن المحكمة أخضعت المدعي والمدعى عليه تحت طاولة القانون الذي لا يفرق بين المواطنين واعتبارهما في درجة واحدة من المساواة (أي أن القاضي لم يستفد من الحصانة) وحُكم عليه، وفي هذا انتشاء لأن العدل هو أساس القضاء.

وإذا كان هناك من تسجيل إعجاب فهو الإعجاب بصدور الحكم النهائي البات الذي حقق للمواطن استرجاع حقه، وسوف يكون إعجابا مضاعفا إذا تم الالزام بتنفيذ الحكم البات بالسرعة القصوى.

وتمتد حالة الانتشاء بظهور هذه القضية للعلن حتى إذا كان أحد المواطنين يشعر أو لحق به ضيم من قاضٍ فأمامه البوابة نفسها التي يدخل منها خصمه فقط عليه أن يرفع دعواه وينتظر العدل الذي يساوي بين الخصماء تحت طائلة القانون من غير التفرقة بين الخصمين.