-A +A
عبدالمحسن هلال
أعلنت هيئة تطوير المدينة المنورة عن إطلاق مشروع الباص السياحي خلال الأشهر المقبلة كأحد المحفزات السياحية، متبنية فكرة ورشة عمل ريادة الأعمال في سياحة ما بعد العمرة الذي نظمته مؤسسة «نماء المنورة»، (المدينة، 23 نوفمبر) لا أعرف ما علاقة مؤسسة نماء بالغرفة التجارية بالمدينة، لكني أشيد بالفكرة وأصحابها، والمفترض أن تتبنى غرفتا مكة المكرمة والمدينة المنورة مثل هذه الأفكار النيرة للاستفادة من قدوم ملايين الزوار لموسمي الحج والعمرة.

أعجبتني الفكرة، ليس الحافلة السياحية وحدها، إنما تنظيم رحلات سياحية في مكة والمدينة، لدرجة تصورت إمكانية تنظيمها لتشمل بعض مدن المملكة، لن أتحدث عن أهمية السياحة كمشروع استثماري، وخلق آلاف الفرص الوظيفية في مهن سياحية مختلفة، إنما يهمنا جميعا، بعد تعريف المعتمر بالأماكن والمزارات الإسلامية بالمدينتين المقدستين، إعطاءه فكرة عن بلدنا، تاريخه أمجاده منجزاته علومه ثقافته وعاداته. هناك مناطق عدة بجانب الدينية يمكن تنظيم رحلات إليها، تاريخية كمدائن صالح وغيرها من المناطق الأثرية، جمالية كأبحر ونصف القمر والردف والسودة، هناك متاحف مقامة وأخرى يجب أن تقام بمختلف مناطق المملكة لحفظ تاريخ كل منطقة، هناك الدرعية وقصر الحكم بالرياض، هناك الدمام عاصمة المال والأعمال، هناك الربع الخالي والدهناء وحائل وتبوك لهواة الصحراء والتزلج على الرمال، هناك الكثير مما يمكن لزوارنا رؤيته لمعرفة ما لدينا والتعرف علينا، كثيرون لا يعرفوننا إلا كبرميل نفط.


رسخنا طويلا في عمرة الأيام المعدودة التي تنظمها وكالات تجارية خارجية لمواطنيها، لذا سميت العمرة التجارية، يأتي المعتمر إلى الحرمين الشريفين ولا يغادرهما إلا إلى الفندق، وتنحصر زيارته بينهما، فلا يكاد يختلط بأحد من أهل البلد ولا يتعرف إلى أي شيء في البلد. وقد أوغلت الوكالات التجارية الخارجية في استغلال موسم العمرة، وآن لوكالات وطنية سياحية أن تظهر خدمة للمعتمر وخدمة للبلد بالتعريف به تاريخا وكيانا، وأن تقدم برامج وعروضا أفضل لإغراء المزيد من المعتمرين، وكما جاء في الخبر أن استهداف ولو 10% من المعتمرين سنويا يجلب 160 مليون زائر، وهذا يجعل منها صناعة مربحة، فأين تجار وأثرياء المدينتين المقدستين عن هذه الصناعة، وقد سألتهما سابقا عن صناعة التحف التذكارية البسيطة للحج والعمرة، وهل يصح أن نستوردها من الصين وكوريا لنقدمها كتذكار لزيارة بلدنا؟ صناعات كثيرة يمكن أن تقوم على هامش الحج والعمرة.

غير أن مشاريع تنظيم زيارة Tour تستلزم الكثير لتنفيذه، يحتاج الاقتناع بالفكرة أولا ومردودها الاقتصادي الكبير للدولة وللمستثمرين، والتعريفي بالبلد. نعم يتطلب، كما جاء الخبر، صناعة رواد أعمال من أبناء البلد في كل صنوف الخدمات المرافقة كالإقامة والتموين والإعاشة والنقل، إنما قبل هذا يتطلب تجديد البنية التحتية للمدينتين المقدستين لتستوعبا احتياجات الملايين من الحجاج والمعتمرين والسياح وحركة حشودهم على شوارع يجب أن تكون فسيحة وخدمات صحية وبلدية راقية، هل قلت شيئا عن برامج ثقافية توعوية للأماكن المختارة، ربما يفهم ذلك من السياق فقد سرقتني المساحة. لعلنا نرى تعاونا بين الغرف التجارية وهيئات السياحة والآثار والترفيه في بلدنا.