-A +A
أحمد عجب
بعد أن انفض العزاء، ظل هناك سؤال يلوح بذهن الحاضرين، من هو ذلك الشخص الذي كان يقف مع أهل المتوفى؟! هنا جاءت الإجابة، بأنه ابن المرحوم الذي هاجر إلى أمريكا قبل خمس وعشرين سنة، وعاش هناك طوال هذه المدة واشتغل بالتجارة وتزوج وأخذ الجنسية، وبقيت حياته سعيدة للغاية، حتى كبرت ابنتاه واقتربتا من بلوغ 18 عاماً، وهـو السن الـذي يسمح فيـه للبنت أن تتزوج بمن تختـاره دون اشتراط موافقـة الأب، الأمـر الـذي جعلـه يضحي بكل الأشياء الجميلة هناك، ويقرر الانفصال عن زوجته الأمريكية ويعود بابنتيه إلى أحضان الوطن.

اليوم اشتعلت في (تويتر) مطالبة الكثير من النساء بإسقاط الولاية، وكان يمكن لهذه المطالبة السلمية أن تكون مشروعة فيما لو جاءت محددة في حالات معينة، مثل اقتراح إسقاط الولاية بمجرد بلوغ البنت سن الثلاثين عاماً دون زواج لأن هذه قرينة قوية على تعرضها للعضل من قبل وليها، أو المطالبة بإسقاط الولاية عن البنت التي تطوف فوق محكوميتها بالسجن أو بدار الرعاية مدة شهرين دون أن يحضر أحد من أهلها لاستلامها، أو إسقاط الولاية عن المرأة الثيب التي تملك شهادة علمية كبيرة وتحتاج للسفر الدائم للخارج من أجل إقامة الندوات وإجراء البحوث العلمية.


أما أن يطرح موضوع إسقاط الولاية بهذا الشكل العائم، فإنه لا يقصد منه الانتصار للظلم الذي قد يقع على المرأة من قبل الولي في بعض مناحي الحياة، بقدر ما يهدف إلى زرع الفتنة حول إشكالية المساواة بين الجنسين، والتي لا يمكن حدوثها، لأن الشريعة التي تحكمنا تؤكد على أن الرجال قوامون على النساء، وأن شهادة الرجل بالقضايا يعادلها شهادة امرأتين، وأن للذكر بالميراث مثل حظ الأنثيين، وأن دية المرأة المسلمة هي نصف دية الرجل، بل إن سلطة الرجل تعدت ذلك بكثير حين قرر أهل العلم بأن الزوج إذا قتل امرأته عمداً وكان له منها ولد فإنه لا يتم القصاص منه!؟

كان من المفترض أن يتمحور نقاش المغردين حول (متى تسقط الولاية) والمقصود هنا ليس السؤال عن إجابة طال انتظارها، وإنما لإيراد الحالات التي يجب فيها إسقاط الولاية بقوة النظام دون الحاجة للجوء للمحكمة، ومن بينها تضرر المرأة جراء تعنت الولي في الموافقة على عملها مع أنه لا يسكن معها ولا ينفق عليها، وكذلك ابتزازه لها أو سوء أخلاقه معها، أما إذا جاءت المطالبة عامة أو بهيئة سؤال (متى تسقط الولاية؟!) فإن الإجابة الحاضرة ستكون: عليك أن تحمل حقائبك وتعود للعيش في البلد الذي جئت منه لتمارس الأفكار الغربية التي حقنوك بها دون اشتراط موافقة الولي!!