-A +A
عبدالمحسن هلال
اكتشف وزير التعليم أن خريج الثانوي يفتقد المهارات الشخصية والمعرفية المساعدة في مجالات الحياة، وعلى المعلم مساعدته بالتيسير وإرشاده للتعلم الذاتي بالاطلاع على مصادر مختلفة، وأن البرامج التقليدية المعدة سلفا لا تأثير لها (عكاظ، 10 العقرب). وهو اعتراف جيد، وإن جاء متأخرا وإن كان الجميع يعرفه، فالاعتراف بالمشكلة أول خطوات علاجها، ولن أسأل ماذا عملت الوزارة، فالوزير مضى عليه عام فقط، ومن أصول بيروقراطيتنا العتيدة أن يبدأ كل مسؤول جديد من الصفر، حتى وإن كان لدى وزارته خطة إستراتيحية قد بدأتها، وكم من خطط إستراتيجية لدى الوزارات بدلت ونسفت، وكم ابتذلت معها كلمة إستراتيجية.

الوزير بدأ القصة من منتصفها، لو سأل نفسه كيف وصل الطالب لهذا المستوى لعلم أن العلة إما في المعلم أو المنهج أو البيئة المدرسية، وجميعها بظني معلولة. ولو أخذ المعلم كمفتاح حل القضية، وأنه الداء والدواء في آن، لعلم معاليه أن فاقد الشيء لا يعطيه، لو راجع عمليات تعليبه في برامج إعداده بالجامعة أو تسليعه في الدورات التربوية التي تفرضها عليه الوزارة، لعلم معاليه أن العلل تراكمت بعضها فوق بعض كبحر لجي يغشاه موج من فوقه موج، وأن ما يوصلها لبحر الظلمات هو وقوف هذا المعلم أمام 40 طالبا، فيحق له ألا يكاد يرى يده إذا أخرجها لشرح درس ما. واقع التعليم يشرحه واقع المعلم، وعمليات التجريب التي تجري كل عام لتطوير أدائه لن تفيد لخلوها من الحوافز والمتابعة الجدية والبرامج الجيدة.


اكتشف الوزير أيضا أن البرامج التقليدية لا تأثير لها، وهنا مضطر للسؤال عما فعلت الوزارة حيالها، لنقل خلال عام؟ لم نسمع سوى تصاريح بخصخصة التعليم وتشجيع المعلمين لفتح مدارس خاصة، لم نشاهد حلولا لتكدس الطلاب في مدارس مهترئة، حتى أن أحدا لم يعد يتحدث عن تزايد المدارس المستأجرة، لم نر سوى التوجه للنتيجة وترك السبب. كيف يطلب معاليه من معلم لم يحسن إعداده أن يعلم الطالب المهارات المطلوبة؟ هل اعتراف الوزير بفشل الطالب أم المعلم أم هو تبرير لعجز الوزارة عن الحلول درجة أن تفكر في «تقبيل» المدارس الحكومية للقطاع الخاص، لم أسمع بدولة تخلت عن واحدة من أهم وظائفها، التعليم، لعجز بيروقراطييها عن حل مشاكله، دول كثيرة أشد فقرا وإمكانات ما زالت ملتزمة بوظيفة التعليم العام وبمجانيته. وهناك حلول، حتى مع الميزانيات المنخفضة هناك حلول لمن يبحث عنها، بدلا من الغوص في التفاصيل والاستسلام للمسببات، فمتى تواجه الوزارة مشاكلها بطرق غير تقليدية، حسب منطوق وزيرها، لنحصل على المعلم المطلوب.