بندر السالم
بندر السالم
-A +A
بندر السالم
مع بداية الثورة العلمية وانتشار المؤسسات العلمية أيقن العالم بأهمية وجود مراكز تجمع المختصين وتوحد جهودهم للاستفادة من علمهم، لذا بدأت المراكز البحثية في الظهور وارتبطت في بداياتها بالمؤسسات العلمية والجامعات، ثم بدأت المؤسسات الصناعية الكبرى في تبني هذه المراكز من أجل الاستفادة منها في إيجاد منتجات جديدة أو تطوير الموجود.

وأيقنت الدول المتقدمة بأهمية الدور الذي تلعبه هذه المراكز لذلك جعلت منها ركيزة أساسية في صنع القرارات السياسية والتنموية والأمنية والتعليمية عن طريق الاستفادة من الأبحاث والخطط الإستراتيجية طويلة المدى أو المتوسطة أو القصيرة التي تضعها هذه المراكز، وهذا ما أسهم في استمرار هذه الدول في عملية تقدمها وازدهارها.


كذلك الحال بالنسبة لبعض الدول النامية التي استفادت من هذه المراكز فأصبحت في فتره وجيزة تقارع الدول المتقدمة في مجالات الصناعة والتعليم بينما لا تزال غالبية دول العالم الثالث تراوح في مكانها أو تزحف للأمام ببطء نتيجة لعدم استفادتها من مثل هذه المراكز.

وبالنسبة للمملكة فقد بدأ التوجه لهذه المراكز من بداية الثمانينات الميلادية واستمر إنشاء هذه المراكز لغاية الآن، حتى أصبح عددها يقارب الـ150 مركزاً بحثياً في جميع المجالات والتخصصات، كان من المفترض أن يكون لها دور كبير في رسم سياسات المملكة الداخلية والخارجية والاستفادة من الثقل السياسي كونها ترمز لزعامة العالمين الإسلامي والعربي أو الثقل الاقتصادي عن طريق كونها المصدر الأكبر للنفط أو حتى الاستفادة من تنوع الثروات الطبيعية المعدنية أو الحيوانية والسمكية أو الزراعية. ولكن مع الأسف فإن دورها لم يرتقِ للمأمول منها بل يبدو أن العديد من هذه المراكز تم إنشاؤها من أجل إكمال الهيكل التنظيمي للجامعات أو المؤسسات أو من أجل التباهي بوجودها أو للاستفادة من بعض الأبحاث الشكلية التي تقدمها من أجل رفع التصنيف في المقاييس العالمية دون أن تكون هناك استفادة فعلية تساهم في تحقيق النهضة. قد يكون للجهل بأهمية هذه المراكز دور كبير في عدم تحقيقها لدورها الرئيسي كذلك جعل ما تصدره من أبحاث حبيس الأرفف والأدراج المكتبية بدلاً من تنزيلها على الأرض وجعلها واقعاً ملموساً أفقدها أهميتها، ولتؤدي هذه المراكز دورها ينبغي أن تتم توعية المجتمع بأهميتها والاهتمام بنوعية الباحثين المنضمين لها وتوفير البيانات والإحصائيات اللازمة التي تتطلبها.