-A +A
خلف الحربي
حبذا لو تم تشكيل وفد من الوجهاء والأعيان وعمد الحارات القديمة والتوجه بهم لأمين منطقة المدينة المنورة كي يعدل عن خطته (القارقوشية) في ضبط سير العمل من خلال إلزام موظفي الأمانة والبالغ عددهم 2300 موظف بتسجيل حضورهم من خلال البصمة خمس مرات في اليوم.

لقد طالت الحكاية وأصبحت بلا ملح..حيث تجاهل الأمين في كل إطلالاته الإعلامية حقيقة أساسية وهي أنه إذا كان التسيب الوظيفي في الأمانة قد وصل حدا يحتاج فيه الأمين إلى التأكد من وجود الموظف داخل المبنى كل ساعة تقريبا فإن ذلك يعني بوضوح أن الأمين عاجز تماما عن إدارة هذا العدد من الموظفين.


ليس المهم أن يكون عدد المعترضين على نظام البصمة (الخماسية) 3 بالمائة فقط كما قال الأمين لـ «عكاظ» أمس..أو أكثر من ذلك بكثير كما يقتضي المنطق والعقل.. المهم أن هناك 2300 موظف سيتركون عملهم الرئيسي ويتوجهون للتزاحم حول جهاز البصمة خمس مرات في اليوم..ومن الطبيعي حينها أن يكون ثمة فريق آخر من موظفي الأمانة قد يصل عددهم الخمسين موظفا تنحصر مهمتهم في التدقيق على البصمات في كل أوقاتها وحساب النقاط وحجم الحسومات من راتب كل موظف انشغل عن التبصيم بتخليص معاملات المواطنين أو إصدار تراخيص البناء أو غير ذلك من الأمور الهامشية !.

وهكذا يضيع وقت الموظفين ووقت المراجعين ووقت الأمين نفسه بسبب تشبثه بقرار يجعل الموظف (رايح جاي) في الممرات المؤدية إلى جهاز البصمة وهذا لعمري هو التسيب بعينه..هنا يصبح الإنتاج أقل من ساعة (كما تخيل أخونا في الله وزير الخدمة المدنية ) ليس بسبب كسل الموظفين بل بسبب غرابة القرارات الإدارية وبلادة التعميمات الوظيفية التي يصدرها السادة المسؤولون عن الجسد الإداري.

باختصار..لا أحد يؤيد عدم انضباط الموظفين في أعمالهم..ولكن أسلوب التبصيم خمس مرات في اليوم فيه هز للثقة بين الموظف وجهة العمل وهذا يؤثر بالتأكيد على عطائه..كما أنه مضيعة للوقت.. والمهمة الأولى لـ(جاهية) الأعيان هي إبلاغ معالي الأمين حفظه الله أن ثمة مئات الآلاف من المؤسسات والشركات والهيئات في هذا العالم التي تضبط أداء موظفيها وتحسب ساعات حظورهم بطرق متعددة سواء من خلال طرق إلكترونية معلومة أو بطرق يدوية تقليدية مثل أن (يتلحلح) معالي الأمين ويدور على المكاتب طوال اليوم (منها رياضة ومنها حزم إداري)..وكل هذه الطرق يضعها وفد الأعيان وعمد الحارات أمام معاليه كي يختار منها ما يشاء و(يخلص) الجميع من أعجوبة التبصيم الخماسي التي ما أنزل الله بها من سلطان.