-A +A
عبير الفوزان
منذ أيام كنت أشاهد مقطعا تصويريا لسيارة تسلا وهي تسير لوحدها بدون سائق في الشوارع الذكية لبالو التو، جنوب سان فرانسيسكو.

كانت السيارة مدهشة الذكاء.. باستطاعتها قراءة التعليمات المكتوبة على قارعة الأسفلت، بالإضافة إلى قدرتها على تفادي المارة والعابرين فجأة.. كما بإمكانها أن تتوقف لينزل راكبها، ثم تغلق بابها، وتبحث لها عن موقف.. تركن فيها نفسها!


ومنذ أيام -أيضا- كنت أقرأ في تويتر رفض الشورى لتوصية دراسة البيئة الاجتماعية المناسبة بالسماح للمرأة بقيادة المرأة السيارة، ومع تقديري الجم لصاحب التوصية، إلاّ أن البون الشاسع أذهلني.. بين عالم ينتظر أن يتلقف تلك السيارة الذكية التي تقطع الشوارع في بيئة ذكية، وبين مجتمع يصوت أو لا يصوت على توصية دراسة البيئة الاجتماعية المناسبة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ولأول مرة أجدني أصطف مع الرافضين في الشورى لهذه التوصية التي لن تقدم، بل ستؤخر الأمر سنوات وسنوات، بالإضافة إلى أننا سنكون أضحوكة أخرى.

من العار أن أن يقف المعترضون لدينا على قيادة المرأة للسيارة والعالم بأسره ينتظر رفاها تقنيا، ومن المؤلم أن يحاول الطيبون طرح الدراسات والتوصيات التي تقرب ما بين الرافض والداعم للقيادة، وكأنهم يمنحون الرافض وقتا إلى أن يرى السيارة الذكية تتهادى في شوارعنا بعد أن يتم تأهيلها لتكون ذكية هي الأخرى، عندها ربما يشعشع ذكاؤه مع شارع سيعبره!

كم هو محبط حالنا -حد الضحك قهرا - من غباء البعض، حيث يتعامل مع أجهزة ذكية، وهو لا يزال أسيرا للخوف والتردد، يبحث عن الرفاهية في حدود العادة، أو ما يرى عليه ممن سبقه من الأدنى.

الرفاه التقني ليس مرتبطا باقتصاد، بل مرتبطا بعجلة الزمن التي تسير صوب المستقبل.. الرفاه هو قدر كلنا ماضون إليه، حتى في ظل نقص الرواتب، والتبشير بالإفلاس، والعمل لساعة واحدة في اليوم.. الرفاه قادم شئت أم أبيت.. لذا يجب أن تستعد لقدرك، ولرفاهية تتطلب منك أن تكون ذكيا كبعض الشوارع في دول العالم الأول.. عندها -فقط- لن تسألك أم صالح إن كنت ستسمح لها بالقيادة، أو لا تسمح.. فالبيئة أذكى من أن تُسأل!