-A +A
محمد العصيمي
شخصيا لا أجد فارقا بين من يسرق دجاجة ومن يسرق جملا، فكلاهما عندي سارق يجب أن يعاقب أشد العقاب. ولذلك استغربت من دفاع زميلي العزيز صالح الشيحي في برنامج الأسبوع في ساعة عن مستغلي وحرامية ملاليم الضمان الاجتماعي واقتراحه أن تجدول سرقاتهم، بينما حمل الأجهزة الحكومية المعنية المسؤولية عن تجاوزاتهم وارتكاب هذه السرقات. واستغربت أكثر حين هجم الناس علي، في وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن قلت في الحلقة نفسها إنني مع ملاحقة هؤلاء الحرامية، بل أرى أنهم مفسدون ويجب أن يصلبوا. كان قصدي طبعا ليس الصلب بمعناه المعروف وإنما أن أعبر أشد تعبير عن شديد انزعاجي وانزعاج المجتمع من فعلتهم، وأنهم يجب أن ينالوا أشد العقاب نظير جرأتهم على أموال الضعفاء.

بعض هؤلاء اللصوص، كما تواترت الأخبار، يملك اثني عشر صكا وخمسة صكوك وبعضهم لديه وظائف يعتاش منها أو معاشات من مصادر أخرى. ومع ذلك لم تمنعهم دناءتهم بأن يتحايلوا على النظام أو يستغلوا ثغراته ليظفروا ببضعة ريالات خصصتها الدولة للمحتاجين والمعوزين فعلا. ولذلك، رغم الهجوم الكاسح على ما ذكرت، فإنني لو سئلت مرة سأعيد ما قلت وأؤكد عليه لأنه لا عذر مطلقا لمن تجرأ على المال العام، فضلا عن من تجرأ على مال يتيم أو يتيمة أو مال أرملة عجوز أو مطلقة ليس بيدها حيلة أو مال (شايب) لا تكاد عصاه تحمله ليقبض 1000 أو 2000 ريال يسدد منها فواتيره ويعتاش عليها شهرا بطوله.


هذا شيء والشيء الآخر هو أنني لست، بطبيعة الحال، في وارد الاقتناع بأنه بدلا من أن تطارد هؤلاء الصغار طارد الكبار الذين شفطوا الملايين والمليارات. هذه بالنسبة لي كلمة حق يراد بها باطل. والباطل هو أن أترك السارق الصغير لأنني غير قادر على السارق الكبير. المفروض أنك قادر على الاثنين لأن فسادهما وسرقاتهما، كبرت أو صغرت، تضر البلد وأهله وضعفاءه. وإذا ذهب سارق كبير بما سرق فليس من المعقول أن أدافع عن السارق الصغير وأتركه، أيضا، يذهب بما سرق أو أبحث عن حلول تناسب وضعه وسرقاته. في هذه الحالة نصبح مجتمعا تعمه الفوضى والسرقات بينما هو يتسامح مع الحرامية الصغار بقياس أفعالهم المنكرة بأفعال الحرامية الكبار ويسامحهم على هذا الأساس.

هذا غير معقول إلا إذا كنتم تريدون السير على قاعدة (اسرق ما دمت صغيرا فالكبار يسرقون). في هذه الحالة استعدوا للمزيد من الفساد واستعدوا للمزيد من السرقات بأحجام متفاوتة حسب قدرة كل حرامي على خرق القوانين والتحايل على الأنظمة.