محمد القدادي
تركي الخليوي
القدادي يتحدث للزميل المرزوق. (عكاظ)
في الوقت الذي تستعد فيه لجنة توثيق البطولات لإعلان نتائجها مجددا بعد أن تم تأجيل ذلك بسبب ما حمله الرياضيون من رفض تام لإعلانهم، يظهر اليوم وعبر «عكاظ» محمد القدادي أحد المؤرخين السعوديين في حديث مطول يحكي فيه ما شاهد من مآخذ، وليجيب على كثير من الأسئلة التي ظلت بلا إجابات مطولة يتم تداولها بين الرياضيين حول التوثيق وحول تاريخنا الرياضي الطويل.
القدادي أكد أن غالبية ما يتم تدويره اليوم من معلومات ووثائق تاريخية هو من إنتاجه، هو أول من صحح تواريخ الاتحاد السعودي وانتسابه للفيفا، وكذلك أول من صحح أن بطولة كأس الخليج هي فكرة سعودية بعد أن ظلت مثار جدل لسنوات طويلة، وذلك حينما انتزع من البحرين وثيقة واعترافا خطيا بذلك أنهى به ذلك الجدل، فضلا عن أنه ساهم في تصحيح تاريخ النادي الأهلي، وأول من كتب عن التاريخ الرياضي في عهد الملك عبدالعزيز، وكشف أول منتخب سعودي، والكثير الكثير من إنتاجه التاريخي العميق. القدادي يفتح اليوم قلبه لـ«عكاظ» ويجيب عن تساؤلاتها في ثنايا الحوار التالي:
توقيت صحيح للخروج
• دعنا نبدأ بالسؤال.. لماذا صمت القدادي طويلا ثم ظهر بهذا الخروج الحاد ضد اللجنة؟
•• دعني أوضح أنني التزمت الصمت وكنت من الخارج أرى اللجنة غارقة في أخطاء لا يمكن أن توصف سوى أنها أخطاء بدائية، تبين ذلك منذ مراسلتي من رئيس الفريق بالخطاب الشهير الذي تم تداوله. ورغم ذلك، استمررت في صمتي حول اللجنة ومنهجها القاصر، والخطاب لم أرد عليه، كي لا يفسر نقدي أنه باب لعرقلة عملهم. ثانيا كان خروجي بعد أن أعلنت الأندية والجماهير رفضها لعملهم وأي نتائج ستظهر لغياب المعيار والمنهج والشفافية ووجود السرية في عمل يمس حقوق الجميع، وكذلك كي أدلي بشهادة أبرأ بها أمام الله والناس وأمام نفسي، ولهذا لست أنا الأول أو الأخير المعترض على مثل هكذا عمل، وما زال الاعتراض من الجميع، وكان آخر من انتقد عملهم شخص عمل معهم وهو الدكتور أمين ساعاتي.
• أنت قلت إنهم وضعوا العربة أمام الحصان، مما يعني أن لديك العديد من المآخذ على عملهم، ما هي؟
•• بالتأكيد هم خرجوا عن هدف اللجنة ومسماها، لأنه كما أعلن رئيس الفريق في تصريحاته ومقابلاته أنه تصنيف للبطولات وليس توثيقها، وهم الآن بين أمرين، إما أن يصدر صاحب الصلاحية قرارا جديدا يغير به مسمى اللجنة إلى لجنة تصنيف البطولات وليس توثيقها، أو أنهم يظهرون للناس ويقولون أخطأنا في الالتزام بالقرار الذي يقتضي توثيق كل شيء، لأن التوثيق يكون بحصر جميع ما لدى الآخر من بطولات، أما التصنيف يختلف تماما. عملهم الآن تصنيف، وهذا دليل على ضياع المنهج والخبرة والاختصاص، هم ظلموا أنفسهم وبالتالي سيظلمون الأندية معهم، هؤلاء باختصار، كما يظهر من تصريحات رئيس الفريق غير المختص أبدا في هذا العمل المهم وليس صاحب خبرة وهو يعلم ذلك، أخذوا نتائجهم بطرق ليست علمية. الفريق ورئيسه والمسؤول عنهم يظنون أن امتلاك قصاصات أو جداول من الاتحادات هو النتيجة النهائية، وهذا خطأ، فيستحيل عليهم إنجاز أعمالهم خلال سنة. تاريخنا الرياضي يا عزيزي يعاني من مشكلات جمة، ناهيك عن أن تغريدات رئيس وبعض أعضاء الفريق، إن صحت، لا تتفق مع الموضوعية والحياد، وتشكل طعنا في عدالة النتائج التي ستخرج عنهم، لأنها فضحت مستوى الفكر لديهم.
• تغريداتهم.. هل تعني جميعهم؟
•• إن صحت تغريداتهم ففيها بعض التحزبات ضد بعض الأندية واللاعبين، وغمز ولمز وسخرية واستنقاص، وكأنهم رابطة مشجعين متعصبين. المسألة ليست رأيا فنيا، وكل هذا كفيل بالإخلال بالحياد والمصداقية والنزاهة والطعن بما يصدر عنهم، لأن خطأ عضو واحد منهم يندرج ويصيب جميع أعضاء ورئيس الفريق، ويمس عملهم بشكل مباشر. كذلك حساب اللجنة في «تويتر» لا يمكن القول سوى إن من يديره غير مهني، إن صح أنه لهم، وهم لم يتبرأوا منه، فالحساب لا يليق أبدا باللجنة ولا باللجنة الأوليمبية. هو حساب فيه ألفاظ لا يكتبها مشجعون، هذا إن صح أنه حسابهم، أطالب الجميع بالدخول وقراءة ما فيه. إذن كيف نعطي الثقة لأناس يفكرون ويكتبون ويعملون بهذه الطريقة.
• قلت إن لدينا مشكلات في تاريخنا الرياضي، هل تذكر بعضها بإيجاز؟
•• هي تمس عمل اللجنة، ومنها المشكلة الأهم وهي تسلسل البطولات ونسبها، فنحن لدينا بطولات سيامية تحتاج إلى فصل سيامي، والمؤرخون هم من يستطعيون فصلها في عملية تحتاج إلى إشراك كل المتخصصين في حقول العلم لتبيان آرائهم حولها، وغيرها وغيرها الكثير من المشكلات. يجب حل مثل هذه الإشكالات قبل توثيق البطولات، والإجابة بأسلوب علمي ممنهج متفق عليه عن أسئلة كثيرة؛ منها هذه البطولات والمسابقات أين بدايتها وأين نهايتها؟ هل توقف شيء منها أم ما زال مستمرا؟ يعني إيجاد تسلسل ونسب كل بطولة.
• قلت في ظهورك الفضائي الأخير إن لجنتك الأخيرة للدراسات والتوثيق تلاشت، حدثنا كيف تلاشت؟
•• كنا في طور الترتيبات الأولية وتم تشكيلها من الأمير نواف بن فيصل، وبعد شهرين تم تعيين الأمير عبدالله بن مساعد رئيسا، خلال هذه الفترة رسمنا المنهج وأعددنا الخطط الأولية وحصلنا على موافقة الأمير نواف، وبعد ذلك اجتمعت مع الأمير عبدالله أربع مرات، كنت أنا من أحرص على لقائه لكن لم أجد منه أي تجاوب، وفي آخر اجتماع طلب مني أن أنجز تقريرا، ثم قال لي أنا لدي مشروع مختلف عن هذا ستكون أنت ضمنه، قلت له سأنجز ما طلبته مني خلال أسبوع، وإذا كنت جاهزا وراغبا في لقائي فأنا أنتظر اتصالا من مكتبك لتحديد الموعد حسب وقتك الذي ترغبه، وحتى اليوم مضت سنتان ونصف وأنا انتظر هذا الاتصال، وبالفعل بدأ مشروعه وليس لدي اعتراض لأن هذا من حقه.
3 لجان للتوثيق
• لجنة الدكتور عبدالرزاق أبو داوود شكلت بقرار ولم يصدر قرار بإلغائها، هل هو الحال نفسه مع لجنتك؟
•• بالضبط لم يصدر أي قرار بوقف أعمال لجنة الدكتور أبو داوود أو اللجنة التي أترأسها، ولهذا فإن التوثيق الرياضي الآن بين ثلاث لجان فعليا، واحدة أنا أترأسها وأخرى الدكتور عبدالرزاق والثالثة برئاسة تركي الخليوي.
• دوري المناطق كيف تراه، هل هو ضمن البطولات الرسمية؟
•• بطولات المناطق فيها بطولات حرة نقية، والمصطلح هذا أنا من قاله قبل سنوات حينما وصفت بطولات الهلال بحرة نقية، وأنا اليوم أستخدم المصطلح نفسه وأقول إن بطولات المناطق كذلك حرة نقية، كوني أول من كشف تفاصيلها منذ عقود، وهذه الفترة هي جزء من التاريخ لا يمكن حذفه، وتلك البطولات أقيمت من بداية الثمانينات وحتى منتصف التسعينات الهجرية.
• هناك من قال إنها امتداد لكأسي الملك وولي العهد.. تعليقك؟
•• بطولاتنا في السابق تعتمد على تصفيات المناطق، ولكن بطولات المناطق التي أعنيها مستقلة بذاتها ولا علاقة لها بأي بطولة، تقام على مستوى المنطقة وتنتهي بتتويج بطلها في ثلاث مناطق. وأؤكد لك، في عز الأزمة، أن ما يحسب فقط كما قلت المستقلة لوحدها عن باقي البطولات، وفي الوقت نفسه لا تلغى جميعا، ولهذا أهل الخبرة والاختصاص هم من سيعرفونها بناء على لوائح البطولات، ولن يتم تجاهلها بسبب هوى أو جهل بالتاريخ.
• كيف تفسر عدم إعلان تاريخ محدد لموعد المؤتمر الجديد؟
•• مؤتمر اللجنة قد يعقد في أي لحظة لتلافي ردة الفعل كما حدث في السابق، وأنا أو الأندية المعترضة لا نستطيع منعهم من عقده لكننا نوضح وننصح، ويمكن أن يكون ذلك قبل نشر حديثي هذا معك أو بعده مباشرة، لكن إن صحت الأنباء التي نشرت أنهم سيكتفون بإعلان نتائج الألعاب المختلفة، فهذا التفاف على الموضوع، يريدون فيه تجزئة إعلان النتائج كي يتفادوا صعوبة القفز على إعلان بطولات المناطق. والحقيقة أن هذه البطولات تحاصرهم من كل اتجاه وفي كل لعبة وليس في كرة القدم فقط، وأكبر غلط تجاوز هذه الفترة لأن فيه ظلما للأندية ولأنفسهم.
• اللجنة قالت إن هناك فترة بعد إعلان النتائج يحق للأندية الاعتراض خلالها لتصحيح الأخطاء، كيف ترد؟
•• هي ليست دعوى قضائية أو قرارا صدر بحكم ليتم الاعتراض عليه، لكن لماذا تصنع أزمة من الأساس؟ لماذا بخطأ صغير يشوه تاريخ ناد، الأندية من يضمن لها أصلا أن اللجنة ستستمر، فلربما ستعلن النتائج وتتوقف اللجنة لسبب أو لآخر وتبقى نتائجها الخاطئة معلقة، وتظل وثيقة تظلم من خلالها الأندية مستقبلا معنويا وماديا، وحتى في مرحلة الخصخصة ربما سيحدث استناد على هذه النتائج المعلقة، ألم نتعظ من نتائج «زغبي»؟ أقولها بالفم المليان هذه النتائج ستسبب أزمة حادة إذا خرجت دون منهج علمي ومعايير وشفافية وموافقة الأندية، نحن في غنى عنها، وستسمح لطرف التقليل من حقوق أطراف أخرى لأنها الآن ليس لها أي أساس.
لا منهج لديهم
• أقرأ من حديثك أنك تنتقد أداء جميع أعضاء اللجنة؟
•• أخي الكريم، اللجنة ليس لديها منهج يعبر عن فكرها ورؤيتها وطريقتها في التعامل مع مشكلاتها التوثيقية الواضحة للعيان، ولا يمكن إغفال ذلك رضوا أم قبلوا، الخلل موجود لديهم على جميع الأصعدة، فلك أن تتخيل، وأنا أعي ما أقول، أن «أعضاء اللجنة قد يكون لديهم طرف عمل في الإحصاء لكن الرئيس ليس لديه أي طرف في الإحصاء ولا التاريخ ولا التوثيق، هل يعقل أن يكون المرؤوس أعلم من الرئيس»، ما هي خبرة أخي الغالي رئيس الفريق في المنهج العلمي والتاريخ والأبحاث، ماذا لديه في هذا الشأن، هل تتخيل أو تتوقع أنني أدخل مستشفى وأجري عملية جراحية لأحد ما لأن وزير الصحة يثق بي أو يغليني أو يحبني وأنا لست طبيبا؟ العتب أنه لا يوجد عضو منهم لديه بحث تاريخي أو كتاب واحد أو كتيب، هل هذا يعقل أو يصدقه إنسان أو مسؤول؟ وهنا سأتذكر انتقاد الخليوي الذي وجهه لأبو داوود حينما تولى رئاسة لجنة بطولات القدم، لقد انتقد الخليوي أخونا البروفيسور أبو داوود بشدة.
• هل تقصد أن الخليوي انتقد اللجنة السابقة التي كان يترأسها أبو داوود؟
•• نعم فقد أطلق الخليوي تصريحات تساءل من خلالها عن المعايير التي تم اختيار الأعضاء على أساسها، ووضع معايير لاحتساب البطولات طالب بإعلانها قبل البدء بالعمل، والكثير الكثير الذي يتنافى مع عمله الآن، لكن حدث العكس وقال ما هي الأسس التي على ضوئها تم اختيار أبو داوود وزملائه، قد لا يصدق أحد هذ الكلام، ولكن عودوا لجريدة الجزيرة 14 أكتوبر 2014، واقرأوا واضحكوا وانتبهوا حتى لا يغمى عليكم، فإذا قال الخليوي عن أبو داوود ذلك؛ فماذا عسانا نقول عنه؟ وبالمقابل، لا تسأل لماذا لم نحقق أي ميدالية في الأوليمبياد الأخير، بل تراجعت كل مراكزنا ونتائجنا كما لم يحدث في 30 عاما مضت، ورغم كل الوعود على مدى سنتين ونصف عادوا بخفي حنين، لنلتهي بالتوثيق مع جهة غير مختصة ولا تملك الخبرة، وننسى نتائج الأوليمبياد السيئة جدا.
• بماذا تفسر عمله عكس تصريحاته السابقة؟
•• أنا أرجع ذلك لعدة أمور هي استقراء وليست علما، وفي ضوء تصريحاته أحللها، إما أنه تعرض لضغوط أو أنه نسي كلامه، أو أنه كان لا يعرف معنى ما قال، وكمقارنة بين أقواله وأفعاله كل شيء اختلف، وأدعو الجميع للاطلاع على تصريحه ليندهشوا.
• عمل اللجنة كان سريا، كيف توجه هذه الانتقادات وأنت لم تطلع على عملهم؟
•• السرية التي يتصف بها عمل اللجنة مرفوضة، والأدهى أن رئيس الفريق في تصريحه الذي ذكرت يرفض هذه السرية، لكن عن سؤالك أنني لم أطلع على عملهم، أنا قرأت حديث من عمل معهم وهو الدكتور ساعاتي، فحديثه بأمانة «طير جبهة اللجنة»، أنا في المدرج من الخارج والدكتور ساعاتي شرح ما شاهد لديهم، ويكفيني فقط قوله «لديهم نتائج محددة جاهزة يريدون تثبيتها».
• ما قصة ما حدث بينك وبين الخليوي في تصريح السيل؟
•• عندما نقلت قوله إن بعض الوثائق أخذها السيل، ونسبته له، أرسل يسألني: أنا وين صرحت هالتصريح؟ ذهلت لما سألني عن تصريحه؟ هل ظن أنني ضمن السكرتارية عنده مثلا؟ العجيب أنه لا يعلم لمن ومتى صرح، لذا كيف له أن يوثق مرحلة ليس لها وثائق أو وثائقها كما قال جرفها السيل.
• ما رأيك في تصريح الأمير عبدالله بن مساعد حين قال: دعونا نتفق على المعايير أولا ثم بعدها لا يوجد أي مشكلات تعترضنا؟
•• كلام الأمير واقعي وأثني على ما قاله، لكن ليس بعد انتهاء اللجنة والسخط الذي حدث، هذا التصريح يفترض أنه قيل حين البدء بالعمل وتتم الدعوة لاجتماع تتفق عليه الأندية والفريق من أجل وضع المعايير والمنهج. الأمير قال كلاما جميلا لكنه لم يطبق على أرض الواقع، الأمير قالها متأخرا جدا ككلمة فقط لا أعرف هل يعنيها أو لا.
الجماعة تورطوا
• برأيك هل تستطيع اللجنة أن تتدارك الأمر وتصحح أخطاءها وتبدأ من جديد؟
•• «بعد إيه»، متأخر جدا، كيف لهم ذلك بعد أن تورط الفريق بأكمله في عمل غير ممنهج ليس له خريطة طريق، وبعض أعضاء الفريق يسخر من الأندية ولاعبيها ومدربيها، التي سيحكمون لها وعليها! أي أحكام ونتائج سيقبلها المجتمع والجمهور والأندية، هذا ضرب من الخيال أن تقبل ذلك ممن لم يكن حريصا على أفعاله وأقواله، ولم يحدث هذا منهم إلا لأنهم لا يعرفون خطورة وأهمية ما أوكل إليهم. الكرة الآن في ملعب الأمير عبدالله بن مساعد، هو أمام اختبار تاريخي في حياديته وعدله، لأنهم فقدوا الثقة لدى جل الرأي العام الرياضي، هل تريدنا أن نسمح لهم بأن يتعلموا على رأس العمل، نحن لسنا أيتاما ليتعلموا الحلاقة في رؤوسنا، والأندية ليست دون تاريخ ليتعلموا إحصاء وكتابة تاريخها.
• هل ما زال اختلافك مع تركي الخليوي اختلاف فرسان بعد حديثك اليوم؟
•• أنا وتركي اختلافنا على عمل فقط، وما زال اختلاف فرسان، وحديثي اليوم لا يقلل من قدرته وقيمته لدي، هو شخص أعزه وأقدره لكنه وضع نفسه في موقف ليس له، لأن أصغر مشجع سيسأله من أين لك هذا؟ هو أخطأ بدخول مجال ليس مجاله، ونحن أهل المجال يجب أن نصحح لهم أخطاءهم. الآن وبعد رفض الجميع لنتائج أعمالهم، ماذا يرجون، نصيحتي لهم لا تصنعوا أزمة أنتم والمجتمع الرياضي في غنى عنها.
القدادي أكد أن غالبية ما يتم تدويره اليوم من معلومات ووثائق تاريخية هو من إنتاجه، هو أول من صحح تواريخ الاتحاد السعودي وانتسابه للفيفا، وكذلك أول من صحح أن بطولة كأس الخليج هي فكرة سعودية بعد أن ظلت مثار جدل لسنوات طويلة، وذلك حينما انتزع من البحرين وثيقة واعترافا خطيا بذلك أنهى به ذلك الجدل، فضلا عن أنه ساهم في تصحيح تاريخ النادي الأهلي، وأول من كتب عن التاريخ الرياضي في عهد الملك عبدالعزيز، وكشف أول منتخب سعودي، والكثير الكثير من إنتاجه التاريخي العميق. القدادي يفتح اليوم قلبه لـ«عكاظ» ويجيب عن تساؤلاتها في ثنايا الحوار التالي:
توقيت صحيح للخروج
• دعنا نبدأ بالسؤال.. لماذا صمت القدادي طويلا ثم ظهر بهذا الخروج الحاد ضد اللجنة؟
•• دعني أوضح أنني التزمت الصمت وكنت من الخارج أرى اللجنة غارقة في أخطاء لا يمكن أن توصف سوى أنها أخطاء بدائية، تبين ذلك منذ مراسلتي من رئيس الفريق بالخطاب الشهير الذي تم تداوله. ورغم ذلك، استمررت في صمتي حول اللجنة ومنهجها القاصر، والخطاب لم أرد عليه، كي لا يفسر نقدي أنه باب لعرقلة عملهم. ثانيا كان خروجي بعد أن أعلنت الأندية والجماهير رفضها لعملهم وأي نتائج ستظهر لغياب المعيار والمنهج والشفافية ووجود السرية في عمل يمس حقوق الجميع، وكذلك كي أدلي بشهادة أبرأ بها أمام الله والناس وأمام نفسي، ولهذا لست أنا الأول أو الأخير المعترض على مثل هكذا عمل، وما زال الاعتراض من الجميع، وكان آخر من انتقد عملهم شخص عمل معهم وهو الدكتور أمين ساعاتي.
• أنت قلت إنهم وضعوا العربة أمام الحصان، مما يعني أن لديك العديد من المآخذ على عملهم، ما هي؟
•• بالتأكيد هم خرجوا عن هدف اللجنة ومسماها، لأنه كما أعلن رئيس الفريق في تصريحاته ومقابلاته أنه تصنيف للبطولات وليس توثيقها، وهم الآن بين أمرين، إما أن يصدر صاحب الصلاحية قرارا جديدا يغير به مسمى اللجنة إلى لجنة تصنيف البطولات وليس توثيقها، أو أنهم يظهرون للناس ويقولون أخطأنا في الالتزام بالقرار الذي يقتضي توثيق كل شيء، لأن التوثيق يكون بحصر جميع ما لدى الآخر من بطولات، أما التصنيف يختلف تماما. عملهم الآن تصنيف، وهذا دليل على ضياع المنهج والخبرة والاختصاص، هم ظلموا أنفسهم وبالتالي سيظلمون الأندية معهم، هؤلاء باختصار، كما يظهر من تصريحات رئيس الفريق غير المختص أبدا في هذا العمل المهم وليس صاحب خبرة وهو يعلم ذلك، أخذوا نتائجهم بطرق ليست علمية. الفريق ورئيسه والمسؤول عنهم يظنون أن امتلاك قصاصات أو جداول من الاتحادات هو النتيجة النهائية، وهذا خطأ، فيستحيل عليهم إنجاز أعمالهم خلال سنة. تاريخنا الرياضي يا عزيزي يعاني من مشكلات جمة، ناهيك عن أن تغريدات رئيس وبعض أعضاء الفريق، إن صحت، لا تتفق مع الموضوعية والحياد، وتشكل طعنا في عدالة النتائج التي ستخرج عنهم، لأنها فضحت مستوى الفكر لديهم.
• تغريداتهم.. هل تعني جميعهم؟
•• إن صحت تغريداتهم ففيها بعض التحزبات ضد بعض الأندية واللاعبين، وغمز ولمز وسخرية واستنقاص، وكأنهم رابطة مشجعين متعصبين. المسألة ليست رأيا فنيا، وكل هذا كفيل بالإخلال بالحياد والمصداقية والنزاهة والطعن بما يصدر عنهم، لأن خطأ عضو واحد منهم يندرج ويصيب جميع أعضاء ورئيس الفريق، ويمس عملهم بشكل مباشر. كذلك حساب اللجنة في «تويتر» لا يمكن القول سوى إن من يديره غير مهني، إن صح أنه لهم، وهم لم يتبرأوا منه، فالحساب لا يليق أبدا باللجنة ولا باللجنة الأوليمبية. هو حساب فيه ألفاظ لا يكتبها مشجعون، هذا إن صح أنه حسابهم، أطالب الجميع بالدخول وقراءة ما فيه. إذن كيف نعطي الثقة لأناس يفكرون ويكتبون ويعملون بهذه الطريقة.
• قلت إن لدينا مشكلات في تاريخنا الرياضي، هل تذكر بعضها بإيجاز؟
•• هي تمس عمل اللجنة، ومنها المشكلة الأهم وهي تسلسل البطولات ونسبها، فنحن لدينا بطولات سيامية تحتاج إلى فصل سيامي، والمؤرخون هم من يستطعيون فصلها في عملية تحتاج إلى إشراك كل المتخصصين في حقول العلم لتبيان آرائهم حولها، وغيرها وغيرها الكثير من المشكلات. يجب حل مثل هذه الإشكالات قبل توثيق البطولات، والإجابة بأسلوب علمي ممنهج متفق عليه عن أسئلة كثيرة؛ منها هذه البطولات والمسابقات أين بدايتها وأين نهايتها؟ هل توقف شيء منها أم ما زال مستمرا؟ يعني إيجاد تسلسل ونسب كل بطولة.
• قلت في ظهورك الفضائي الأخير إن لجنتك الأخيرة للدراسات والتوثيق تلاشت، حدثنا كيف تلاشت؟
•• كنا في طور الترتيبات الأولية وتم تشكيلها من الأمير نواف بن فيصل، وبعد شهرين تم تعيين الأمير عبدالله بن مساعد رئيسا، خلال هذه الفترة رسمنا المنهج وأعددنا الخطط الأولية وحصلنا على موافقة الأمير نواف، وبعد ذلك اجتمعت مع الأمير عبدالله أربع مرات، كنت أنا من أحرص على لقائه لكن لم أجد منه أي تجاوب، وفي آخر اجتماع طلب مني أن أنجز تقريرا، ثم قال لي أنا لدي مشروع مختلف عن هذا ستكون أنت ضمنه، قلت له سأنجز ما طلبته مني خلال أسبوع، وإذا كنت جاهزا وراغبا في لقائي فأنا أنتظر اتصالا من مكتبك لتحديد الموعد حسب وقتك الذي ترغبه، وحتى اليوم مضت سنتان ونصف وأنا انتظر هذا الاتصال، وبالفعل بدأ مشروعه وليس لدي اعتراض لأن هذا من حقه.
3 لجان للتوثيق
• لجنة الدكتور عبدالرزاق أبو داوود شكلت بقرار ولم يصدر قرار بإلغائها، هل هو الحال نفسه مع لجنتك؟
•• بالضبط لم يصدر أي قرار بوقف أعمال لجنة الدكتور أبو داوود أو اللجنة التي أترأسها، ولهذا فإن التوثيق الرياضي الآن بين ثلاث لجان فعليا، واحدة أنا أترأسها وأخرى الدكتور عبدالرزاق والثالثة برئاسة تركي الخليوي.
• دوري المناطق كيف تراه، هل هو ضمن البطولات الرسمية؟
•• بطولات المناطق فيها بطولات حرة نقية، والمصطلح هذا أنا من قاله قبل سنوات حينما وصفت بطولات الهلال بحرة نقية، وأنا اليوم أستخدم المصطلح نفسه وأقول إن بطولات المناطق كذلك حرة نقية، كوني أول من كشف تفاصيلها منذ عقود، وهذه الفترة هي جزء من التاريخ لا يمكن حذفه، وتلك البطولات أقيمت من بداية الثمانينات وحتى منتصف التسعينات الهجرية.
• هناك من قال إنها امتداد لكأسي الملك وولي العهد.. تعليقك؟
•• بطولاتنا في السابق تعتمد على تصفيات المناطق، ولكن بطولات المناطق التي أعنيها مستقلة بذاتها ولا علاقة لها بأي بطولة، تقام على مستوى المنطقة وتنتهي بتتويج بطلها في ثلاث مناطق. وأؤكد لك، في عز الأزمة، أن ما يحسب فقط كما قلت المستقلة لوحدها عن باقي البطولات، وفي الوقت نفسه لا تلغى جميعا، ولهذا أهل الخبرة والاختصاص هم من سيعرفونها بناء على لوائح البطولات، ولن يتم تجاهلها بسبب هوى أو جهل بالتاريخ.
• كيف تفسر عدم إعلان تاريخ محدد لموعد المؤتمر الجديد؟
•• مؤتمر اللجنة قد يعقد في أي لحظة لتلافي ردة الفعل كما حدث في السابق، وأنا أو الأندية المعترضة لا نستطيع منعهم من عقده لكننا نوضح وننصح، ويمكن أن يكون ذلك قبل نشر حديثي هذا معك أو بعده مباشرة، لكن إن صحت الأنباء التي نشرت أنهم سيكتفون بإعلان نتائج الألعاب المختلفة، فهذا التفاف على الموضوع، يريدون فيه تجزئة إعلان النتائج كي يتفادوا صعوبة القفز على إعلان بطولات المناطق. والحقيقة أن هذه البطولات تحاصرهم من كل اتجاه وفي كل لعبة وليس في كرة القدم فقط، وأكبر غلط تجاوز هذه الفترة لأن فيه ظلما للأندية ولأنفسهم.
• اللجنة قالت إن هناك فترة بعد إعلان النتائج يحق للأندية الاعتراض خلالها لتصحيح الأخطاء، كيف ترد؟
•• هي ليست دعوى قضائية أو قرارا صدر بحكم ليتم الاعتراض عليه، لكن لماذا تصنع أزمة من الأساس؟ لماذا بخطأ صغير يشوه تاريخ ناد، الأندية من يضمن لها أصلا أن اللجنة ستستمر، فلربما ستعلن النتائج وتتوقف اللجنة لسبب أو لآخر وتبقى نتائجها الخاطئة معلقة، وتظل وثيقة تظلم من خلالها الأندية مستقبلا معنويا وماديا، وحتى في مرحلة الخصخصة ربما سيحدث استناد على هذه النتائج المعلقة، ألم نتعظ من نتائج «زغبي»؟ أقولها بالفم المليان هذه النتائج ستسبب أزمة حادة إذا خرجت دون منهج علمي ومعايير وشفافية وموافقة الأندية، نحن في غنى عنها، وستسمح لطرف التقليل من حقوق أطراف أخرى لأنها الآن ليس لها أي أساس.
لا منهج لديهم
• أقرأ من حديثك أنك تنتقد أداء جميع أعضاء اللجنة؟
•• أخي الكريم، اللجنة ليس لديها منهج يعبر عن فكرها ورؤيتها وطريقتها في التعامل مع مشكلاتها التوثيقية الواضحة للعيان، ولا يمكن إغفال ذلك رضوا أم قبلوا، الخلل موجود لديهم على جميع الأصعدة، فلك أن تتخيل، وأنا أعي ما أقول، أن «أعضاء اللجنة قد يكون لديهم طرف عمل في الإحصاء لكن الرئيس ليس لديه أي طرف في الإحصاء ولا التاريخ ولا التوثيق، هل يعقل أن يكون المرؤوس أعلم من الرئيس»، ما هي خبرة أخي الغالي رئيس الفريق في المنهج العلمي والتاريخ والأبحاث، ماذا لديه في هذا الشأن، هل تتخيل أو تتوقع أنني أدخل مستشفى وأجري عملية جراحية لأحد ما لأن وزير الصحة يثق بي أو يغليني أو يحبني وأنا لست طبيبا؟ العتب أنه لا يوجد عضو منهم لديه بحث تاريخي أو كتاب واحد أو كتيب، هل هذا يعقل أو يصدقه إنسان أو مسؤول؟ وهنا سأتذكر انتقاد الخليوي الذي وجهه لأبو داوود حينما تولى رئاسة لجنة بطولات القدم، لقد انتقد الخليوي أخونا البروفيسور أبو داوود بشدة.
• هل تقصد أن الخليوي انتقد اللجنة السابقة التي كان يترأسها أبو داوود؟
•• نعم فقد أطلق الخليوي تصريحات تساءل من خلالها عن المعايير التي تم اختيار الأعضاء على أساسها، ووضع معايير لاحتساب البطولات طالب بإعلانها قبل البدء بالعمل، والكثير الكثير الذي يتنافى مع عمله الآن، لكن حدث العكس وقال ما هي الأسس التي على ضوئها تم اختيار أبو داوود وزملائه، قد لا يصدق أحد هذ الكلام، ولكن عودوا لجريدة الجزيرة 14 أكتوبر 2014، واقرأوا واضحكوا وانتبهوا حتى لا يغمى عليكم، فإذا قال الخليوي عن أبو داوود ذلك؛ فماذا عسانا نقول عنه؟ وبالمقابل، لا تسأل لماذا لم نحقق أي ميدالية في الأوليمبياد الأخير، بل تراجعت كل مراكزنا ونتائجنا كما لم يحدث في 30 عاما مضت، ورغم كل الوعود على مدى سنتين ونصف عادوا بخفي حنين، لنلتهي بالتوثيق مع جهة غير مختصة ولا تملك الخبرة، وننسى نتائج الأوليمبياد السيئة جدا.
• بماذا تفسر عمله عكس تصريحاته السابقة؟
•• أنا أرجع ذلك لعدة أمور هي استقراء وليست علما، وفي ضوء تصريحاته أحللها، إما أنه تعرض لضغوط أو أنه نسي كلامه، أو أنه كان لا يعرف معنى ما قال، وكمقارنة بين أقواله وأفعاله كل شيء اختلف، وأدعو الجميع للاطلاع على تصريحه ليندهشوا.
• عمل اللجنة كان سريا، كيف توجه هذه الانتقادات وأنت لم تطلع على عملهم؟
•• السرية التي يتصف بها عمل اللجنة مرفوضة، والأدهى أن رئيس الفريق في تصريحه الذي ذكرت يرفض هذه السرية، لكن عن سؤالك أنني لم أطلع على عملهم، أنا قرأت حديث من عمل معهم وهو الدكتور ساعاتي، فحديثه بأمانة «طير جبهة اللجنة»، أنا في المدرج من الخارج والدكتور ساعاتي شرح ما شاهد لديهم، ويكفيني فقط قوله «لديهم نتائج محددة جاهزة يريدون تثبيتها».
• ما قصة ما حدث بينك وبين الخليوي في تصريح السيل؟
•• عندما نقلت قوله إن بعض الوثائق أخذها السيل، ونسبته له، أرسل يسألني: أنا وين صرحت هالتصريح؟ ذهلت لما سألني عن تصريحه؟ هل ظن أنني ضمن السكرتارية عنده مثلا؟ العجيب أنه لا يعلم لمن ومتى صرح، لذا كيف له أن يوثق مرحلة ليس لها وثائق أو وثائقها كما قال جرفها السيل.
• ما رأيك في تصريح الأمير عبدالله بن مساعد حين قال: دعونا نتفق على المعايير أولا ثم بعدها لا يوجد أي مشكلات تعترضنا؟
•• كلام الأمير واقعي وأثني على ما قاله، لكن ليس بعد انتهاء اللجنة والسخط الذي حدث، هذا التصريح يفترض أنه قيل حين البدء بالعمل وتتم الدعوة لاجتماع تتفق عليه الأندية والفريق من أجل وضع المعايير والمنهج. الأمير قال كلاما جميلا لكنه لم يطبق على أرض الواقع، الأمير قالها متأخرا جدا ككلمة فقط لا أعرف هل يعنيها أو لا.
الجماعة تورطوا
• برأيك هل تستطيع اللجنة أن تتدارك الأمر وتصحح أخطاءها وتبدأ من جديد؟
•• «بعد إيه»، متأخر جدا، كيف لهم ذلك بعد أن تورط الفريق بأكمله في عمل غير ممنهج ليس له خريطة طريق، وبعض أعضاء الفريق يسخر من الأندية ولاعبيها ومدربيها، التي سيحكمون لها وعليها! أي أحكام ونتائج سيقبلها المجتمع والجمهور والأندية، هذا ضرب من الخيال أن تقبل ذلك ممن لم يكن حريصا على أفعاله وأقواله، ولم يحدث هذا منهم إلا لأنهم لا يعرفون خطورة وأهمية ما أوكل إليهم. الكرة الآن في ملعب الأمير عبدالله بن مساعد، هو أمام اختبار تاريخي في حياديته وعدله، لأنهم فقدوا الثقة لدى جل الرأي العام الرياضي، هل تريدنا أن نسمح لهم بأن يتعلموا على رأس العمل، نحن لسنا أيتاما ليتعلموا الحلاقة في رؤوسنا، والأندية ليست دون تاريخ ليتعلموا إحصاء وكتابة تاريخها.
• هل ما زال اختلافك مع تركي الخليوي اختلاف فرسان بعد حديثك اليوم؟
•• أنا وتركي اختلافنا على عمل فقط، وما زال اختلاف فرسان، وحديثي اليوم لا يقلل من قدرته وقيمته لدي، هو شخص أعزه وأقدره لكنه وضع نفسه في موقف ليس له، لأن أصغر مشجع سيسأله من أين لك هذا؟ هو أخطأ بدخول مجال ليس مجاله، ونحن أهل المجال يجب أن نصحح لهم أخطاءهم. الآن وبعد رفض الجميع لنتائج أعمالهم، ماذا يرجون، نصيحتي لهم لا تصنعوا أزمة أنتم والمجتمع الرياضي في غنى عنها.