-A +A
عبدالله الغضوي (إسطنبول)
المعركة الآن في الشرق الأوسط وخصوصا في سورية والعراق بين أقطاب التطرف، إنها حرب المتطرفين بامتياز يقفون على ضفتي القتال وما بينهما نهر من الدم.. «أبطال» هذه المعركة هما «داعش» و«الحشد الشعبي»، كلا الطرفين يستخدمان الشعارات الدينية ويقتلان باسم الدين والله، ربما تختلف أرقام القتلى من فئة إلى أخرى إلا أنهما يشتركان في رغبة الدم.

إن سقوط مثل هذه الملل الوحشية، مرتبط بزوال مقومات النشأة، فنشأة «داعش» ولدت في بحر من الفوضى والتشاحن الطائفي، ولدت إسلاما مشوها على طريقة «البعث»، وكذلك الأمر بالنسبة للحشد الذي ولد بتدبير إيراني يقود العراق نحو الكراهية، لذا فإن الحل مع هذه الفئات يكون موضوعيا بتآكلها من الداخل، وتطويق هذا الفكر المتطرف بقيم أكثر اعتدالا.


سجلت منظمات حقوق الإنسان العالمية خلال السنوات الأربع الماضية أعلى أرقام القتل والاضطهاد والتنكيل، جزء كبير من هذه الجرائم أخذت شكل جريمة الدولة، فإيران دولة تعلن دعمها جهارا نهارا لميليشيات الموت الطائفي، وكذلك حكومة حيدر العبادي ومن قبله نوري المالكي، ورغم كل الانتقادات الدولية لسلوك هذه الميليشيات إلا أنها ما زالت تعمل تحت جناح الدولة.

وربما يكون غطاء بعض الدول التمايز الوحيد بين «داعش» و«الحشد»، فالأول يضرب على مستوى الدول دون غطاء أيا كان نوعه، فيما يضرب الثاني بالأدوات ذاتها تحت الغطاء الإيراني والعراقي.

أمر آخر يستحق التوقف، وهو أن محيط «داعش» ينبذ هذا التنظيم وفي غالب المناطق التي يسيطر عليها يحكم بالحديد والنار، بينما نجد ميليشيا الحشد الشعبي تخرج من قلب عائلات العراق، وتحظى بحاضنة شعبية تكاد تكون هي الميليشيا.

لم يمر على المنطقة حالة دموية مزمنة كالتي تمر اليوم، قطاعات جغرافية واسعة يقطنها الملايين من البشر تخضع لأعتى أنواع الجريمة بين «الحشد» و«داعش»، يمارسان الطريقة نفسها في القتل وفي بعض الأحيان يستنسخان أساليب التعذيب.

في بواطن هذا العراك بين المتطرفين تآكل لحياة كل منهما، لأنهما خارجان عن حالة الطبيعة الآمنة، ولعل ذروة العنف الطائفي توحي بنهايته ونهاية أطرافه.. إذ إن الكأس امتلأت دما.. علها تكون النهاية.