-A +A
عبدالله صادق دحلان
تابعت وتابع غيري من المواطنين والمثقفين والاقتصاديين وبكل اهتمام المقابلة التي طال انتظارها منذ بداية الإعلان عن الرؤية الجديدة للاقتصاد السعودي 2030. والحقيقة كان من الضروري والمهم أن يوضح المسؤولون المباشرون عن التحولات الاقتصادية تحليلا عن بعض من القرارات الترشيدية التي صدرت مؤخراً لتحقيق الرؤية المستقبلية. وكما كتبت وأوضحت سابقاً بأننا أبناء شعب هذا الوطن بكل فئاته ومستوياته وتخصصاته نقف صفاً واحداً خلف قيادتنا ووطننا في جميع الظروف وعلى وجه الخصوص الصعبة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية. ولن أتوقع من أي مواطن مخلص أن يتقاعس عن تحمل مسؤوليته تجاه وطنه وقيادته لأن المواطن وما يملك فداء للوطن وقيادته. ومن خلال متابعتي للقاء الجريء الذي أعده وقدمه النجم الإعلامي المتميز الأستاذ داوود الشريان صاحب البرنامج الأكثر شهرة (برنامج الثامنة) على شاشة قناة الـMBC الأسبوع الماضي، توقفت عند بعض من التصريحات الهامة والجريئة والتي أسمعها لأول مرة وعلى الهواء وأمام الجميع ومنها تصريح ممثل وزارة التخطيط الأستاذ محمد التويجري نائب وزير التخطيط والذي أعلن وبكل جرأة أن الرؤية الاقتصادية السابقة كانت خاطئة نتج عنها استثمارات في مشاريع ترف ومنها الجامعات وأشياء أخرى لم يفصح عنها. كما صرح أن الدولة ممثلة في الجهة المعنية بالاقتصاد سابقاً لم تستفد من فرص الاستثمار المتعددة عام 2008 وأن الاستثمار في مؤسسة النقد لم يكن موفقاً لأن مؤسسة النقد ليست مجالاً استثمارياً. وألقى اللوم في الاقتراض لمواجهة العجز البالغ 376 مليارا عندما انخفضت أسعار البترول آنذاك إلى عدم وجود دراسات جيدة. وصرح الأستاذ محمد التويجري نائب وزير التخطيط أنه في الفترات الماضية كان ينفق 90% من دخل الدولة في مصاريف ضمنية كالرواتب والديون والـ10% المتبقية تصرف على التنمية وهو أمر يحتاج إلى إثبات تحليلي. أما التصريح الصادم فهو أن إنتاجية الموظف الحكومي ساعة يومياً فقط وهو أمر آخر محبط للموظف السعودي ولا أعلم كيف تم قياس الإنتاجية لجميع موظفي الدولة لنخرج بهذه النتيجة المبالغ فيها. ولا أود أن أحلل أو أعيد تفاصيل الحوار الجريء للإعلامي داوود الشريان فقد سبقني الإعلام بأنواعه في تحليل اللقاء الناجح. ولكنني سوف أتوقف عند تصريحات وزارة التخطيط المهمة، ولن أتطرق إلى غياب الدراسات وأخطاء الرؤية السابقة رغم أن المسؤولين عنها ما زالوا على رأس المسؤولية ولن أكون مدافعاً عنهم وإنما كشاهد على عصر التنمية في بلادنا أشهد الله أن هناك جهودا عظيمة بذلت من المسؤولين القياديين في الماضي رحم الله من توفاه الله منهم، وأطال الله في عمر وصحة الباقين منهم. لقد بذلوا جهوداً استطاعوا بها أن ينهضوا بهذا الوطن من صحراء إلى دولة ضمن أقوى دول العالم العشرين والأكثر تأثيراً في القرار الاقتصادي والسياسي في العالم. ومن يقارن التنمية في بلادنا في سنة التأسيس للدولة السعودية سيجد أمامه إنجازاً عظيماً قد تحقق مهما كان الفاقد في الطريق، إلا أنه تحققت تنمية متميزة لم تستطع دولة أخرى مماثلة في الإمكانيات تحقيقها. ولم تبن التنمية في بلادنا عشوائياً فكانت هناك خطط ودراسات وأنظمة وقوانين ومشاريع عملاقة بدأت من البنية التحتية ثم إلى المشاريع التنموية التعليمية والصحية والصناعية والتنمية العمرانية والخدمية ولا يمكن أن أقبل أن تسمى التنمية التي نعيشها بالتنمية العشوائية. ولاسيما أننا شاركنا منذ بداية الخطط الخمسية بالرأي والحوار في التنفيذ مع خبراء أجانب وسعوديين وكانت نتيجة تلك الدراسات القاعدة الاقتصادية للصناعات الأساسية التي تفتخر بها المملكة. ولا يمكن أن أتقبل الرأي الذي يطلق على الجامعات السعودية بأنها ضمن مشاريع الترف سابقاً. وهي في وجهة نظري أحد أهم المشاريع التنموية التي قامت بها القيادة السعودية منذ إنشاء المملكة، ومن حق أبناء هذا الوطن أن يفتخروا بقيادتهم التي وفرت لهم التعليم الجامعي في كل منطقة ومدينة وفي كل تخصص وخصصت البلايين لبناء الجامعات وتجهيزاتها لمائة عام قادمة. وهو استثمار في الأجيال التي ستقود البلاد مستقبلاً لتكملة مسيرة المؤسسين. ولقد كنت ومازلت أفتخر بدور المملكة في بناء الجامعات وتأهيل الشباب السعودي لإدارة مسؤوليات وطنه، وقد تم بالفعل وأصبحت مخرجات الجامعات السعودية هي التي تقود التنمية في القطاعين العام والخاص وتبوأت الجامعات السعودية المراتب المتقدمة للجامعات العربية والإسلامية والعالمية. وسأكتفي بهذا عن نجاح الجامعات السعودية لتحقيق أهدافها، متمنياً أن لا تؤدي بعض السياسات الترشيدية إلى إفراغ الجامعات من الدكاترة السعوديين. وأخشى من عدم حماس المتميزين من الشباب السعودي لتكملة دراساتهم العليا نتيجة ضعف الحوافز المقنعة. ولاسيما أننا بدأنا نرى الأعداد الكبيرة تخطط للخروج من الجامعات الحكومية نتيجة ضعف الحوافز.