-A +A
جارالله الحميد
يوما، صرخ الشاعر الكبير (أمل دنقل) - نامت نواطير مصر عن عساكرها / وحاربت بدلا منها الأناشيد! - إن مشاعر أمل هي شعور ملايين العرب الصامتين خوفا من عسكر النظام. وأذكر عشية كمب ديفيد كنت مع أمل متجهين إلى (ريش) فإذا به يخرج من إبطه جريدة السفير وفي صفحتها الأولى نشرت قصيدة (وصية كليب) وكان أمل ممتعضا ولكن قراءة في القصيدة بوسعها أن تنطق الصمّ

(لا تصــــــــــــالح، ولو منحوك الذهب!


أتُرى حين أنزع عينيك ثم أثبّت جوهرتين مكانها

هل تَرى؟

هي أشياء لا تشترى!)

ويتأجج رفض أمل حين يقول

(لا تصـــــــــــالح على الدمّ حتى بدمّ!

فما الصلح غير معاهدة بين ندّين، وفي شرف القلب لا تنتقص!

والذي اغتالني: محض ُ لصّ!

سرق الأرض من بين عينيّ

والصمت يطلق ضحكته الساخرة!)

وهكذا يحسب للراحل الكبير وقوفه الصلب وغير المتأرجح مع قضية العرب الأولى و(المركزية) ضاربا عرض الحائط بمحادثات السلام الذليل. التي يجريها عرب ومصريون مع الكيان الدخيل والانتهاكي الذي يذبح الأطفال.

إنك حين ترى (أمل دنقل) بوجهه الفرعوني ونتوءات وجنتيه لا تملك سوى أن تحبه. تشعر به قريبا من القلب حتى في مزحاته مع رواد مقهى (ريش) يكره العنف ويؤمن بالسلام والمحبة. مرة كنت في القاهرة مع صديقٍ أصيب بنزلة برد حادة وزارنا أمل ولما رأى صديق يتنفس بصعوبة قال:

ــــــــ عاوزني أعالجك؟

فهز صديقي رأسه علامة التسليم.

ــــــــ بس قبل ما أعالجك عاوزك ترمي الأدوية دي!

وجمعها بيده الكبيرة وألقاها ثم قال لي (روح جيب لنا جريدة) ومع استغرابي ذهبت وأحضرتها. قال لصديقي اخلع قميصك ملط! ففعل صديقي. لف الجريدة بإحكام حول كل ما ظهر من صدره وظهره. وقال له:

ــــ الآن البس القميص وشد أزراره جيدا وأسقاه جرعتين من الماء الحار وقال له اذهب ونم.

وفي الصباح لما استيقظ صديقي كان بشوشا وقال الحمد لله! لقد ذهبت عني الحمى.. وعطس مرارا وعاد لطبيعته. هل أن أمل طبيب شعبي أم أنه رجل مصحوب بالكرامات؟

أجيبوا عن هذا الســــــــــــؤال.

قاص وكاتب سعودي

jalhomaid@yahoo.com