-A +A
محمد العصيمي
لكي أصارحكم القول فقد فكرت بعدم تضييع وقتي في مشاهدة ثامنة الوزراء الشهيرة على اعتبار أن ما سيقولونه كلام (حكومي) مردد لن يسمن ولن يغني من جوع، لكنني قررت أن أجازف وأجلس مع المواطنين لأستمع لهم، خاصة أنني ممن طالب بأن تُحدث الحكومة الناس وتشركهم في قراراتها ونتائج هذه القرارات لأن من يفهم يكون أفضل في مواقفه ممن يقاد على عماه. والحق أنني لم أندم على حضور هذه الحلقة التي تسجل في تاريخ (الثامنة) كما سُجلت من قبل حلقات مفصلية أخرى في قضايا وطنية مهمة.

الوزيران إبراهيم العساف وخالد العرج ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري كانوا، مع شيء من التفاوت في الشفافية، مقنعين في حديثهم وصريحين إلى حد كبير. شرحوا وحللوا وقدموا حقائق اقتصادنا الوطني ووضعنا المالي على ما هو عليه دون تذويق أو تغليف. وكان التويجري بالذات سيد الشفافية في هذا الحديث إلى درجة الاعتراف بأنه كان من الممكن أن نفلس خلال ثلاث أو أربع سنوات لو لم نتخذ الإجراءات الأخيرة ولم نتحرك بسرعة واحترافية لتعويض سنوات أو عقود الاستهتار والهدر والترهل والاعتماد المطلق على براميل النفط.


ما تحفظت عليه فقط من مجمل الحديث هو محاولة التبرؤ من عملية الهدر والفوضى في الصرف وإلقائها، ضمنا، على رأس فترة سابقة وربما وزراء سابقين. وهذا إن كان صحيحا إلا أنه لا يعني أن الوزراء الحاليين نخب أول والسابقين نخب ثاني أو ثالث، فعلى مدى السنوات الخمس الماضية لم يُقنع كثير من الوزراء المواطنين بأدائهم وإنجازاتهم. ربما ليس هناك هدر وربما هناك ضبط للمصاريف لكن لا بد أن نعترف، مثلا، بأن وزراء الصحة والتعليم والإسكان والعمل لم يحققوا نجاحا يذكر بقدر ما ساروا على نفس النهج في التصريحات والوعود التي طيرها الهواء ولا يزال يطيرها حيث لا يحصد المواطن، في الغالب الأعم، إلا الريح.

يعني إذا كنا تصارحنا إلى هذه الدرجة عن ما نتج عن مرحلة سابقة فلنتصارح بدرجة أعلى حيال المرحلة الحالية: هل أداء كل الوزراء في المرحلة الحالية على أفضل ما يكون؟! وما هي أسباب التعثرات الكبرى في مجال البطالة والصحة والإسكان وبقاء سلك التعليم العادي والفني على حاله التقليدية التي لا تنتج أجيالا مؤهلة وقادرة؟! وما إلى ذلك من الأسئلة التي تتطلبها المرحلة الحالية الحرجة أكثر من أي مرحلة سابقة.

نحن الآن، كما قال الوزراء أنفسهم، في مرحلة صعبة تتطلب جهودا وحلولا ابتكارية واستثنائية. وأنا معهم تماما في ذلك، لكن بدلا من أن نبكي على اللبن المسكوب ونحمل المراحل السابقة المسؤولية أرونا، على الأرض وليس في عناوين الصحف، ماذا لدى الوزراء الحاليين وأين نجح هذا الوزير ليبقى وأين فشل ذاك الوزير ليرحل. وقتها ربما يكون نقد المراحل السابقة مستحقا لكون المرحلة الحالية أفضل وأمتن وأقرب إلى تطلعات المواطنين.