-A +A
مي خالد
لو أنه يمكنك السفر عبر الزمن في اتجاه واحد فقط، فماذا ستختار؟ المضي إلى الأمام أو الخلف؟

إلى الأمام حيث مغامرات المستقبل وفضول المعرفة والكشف؟


إن كان هذا خيارك فأرجوك تذكر أنك ستكتشف حياتك ثم تنتهي إلى الموت بأسرع مما تتوقع. وربما تجد أمامك حربا عالمية أو قنبلة نووية فتصبح أحد ضحاياها قبل أن تكمل اكتشافك.

نعم أنا أحاول التقليل من قيمة اختيارك؛ ليس لأنه خاطئ بل لأنه لا يعجبني.

فأنا سأختار السفر إلى الماضي، سأتتبع التاريخ وأقابل جدتي في طفولتها وشبابها لأتعرف على جذوري وتاريخي الشخصي، وسأخبر نحول أن أمه التي يبحث عنها تسبقه بقليل، فلو لم يتوقف عن الطيران لبعض حلقات فإنه بالتأكيد سيجدها. وسأزور عواصم ومدن العالم وبالأخص منطقة الحجاز.

أرأيت؟ السفر للماضي يسمح لك بإعادة أيام رائعة، وزيارة أعزائك الذين فقدتهم.

بل يمكنك أن تعيد كتابة الماضي وتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها وتجنيب الآخرين الكوارث والمصائب التي مروا بها.

لكن المشكلة أنني كنت طفلة خجولة، لذا لا أريد أن أعود لطفولتي، ولا لحل الواجبات والاستيقاظ للمدرسة صباح كل يوم. بل أريد أن أنقل أفضل ما في طفولتي إلى شبابي، أريد مساءات قديمة كانت تعد أمي فيها العشاء لنتحلق كلنا حول الوجبة نأكل ونضحك فينهرنا أبي عن الضحك، لكن سرعان ما يتورط هو في ضحكة مكتومة.

أريد بثي لحزني وشكواي من أحد الصغار المؤذين حين كنت أسر بأمره لأحد أشقائي فيوسعه ضربا. أريد تقاسم ربطات شعري مع شقيقاتي. أريد براءتي التي لم أكن أعرف بسببها أن الفأر جيري كان يعتدي على القط توم وليس العكس!

أريد الجهل العذب الذي كنت أتمتع به، فلا أقلق مما هو آت أو أخاف من عواقب ما مضى.