-A +A
حمود أبو طالب
أحيانا، يكون أسوأ من القرارات عدم شرحها للناس، ولماذا اتخذت، وما الفائدة أو المنطق من اتخاذها؟ عندما ينام الناس في أمان الله ثم يصبحون على قرار مفاجئ يمس أساسيات حياتهم، أو يتعلق بالمحرك الأساسي الوحيد لحياتهم «الراتب» دون أن يفهموا لماذا ودون أن يُوضح لهم كيف يتدبرون حياتهم ويفون بالتزاماتهم بعد تنفيذ القرار فإن ذلك إجحاف كبير بحقهم وإخلال بالعقد النظامي بينهم وبين الدولة في جانب الأداء الوظيفي الذي يقومون به مقابل دخل كان معروفا لهم ورتبوا حياتهم على أساسه والتزموا لكل الجهات الدائنة لهم كالبنوك وغيرها بناء عليه.

حدث ما حدث من تخفيض وتعديل وإيقاف لبعض البدلات والمكافآت والمميزات لموظفي الدولة، ورضخ الناس للأمر الواقع، لكن مسؤولا واحدا لم يخرج للناس ليقول لهم إن كان هذا الإجراء مؤقتا أم دائما، أو يشرح لهم إذا كانت الحكومة قد اتخذت تدابير معينة وواضحة لتجنيب الناس التورط في مآزق قاصمة مع التزاماتهم. مضى الأمر بصمت يشبه الذهول، ليفاجأوا مرة أخرى قبل أمس بأن الراتب الذي تم نتف ريشه سوف يُصرف وفق نظام عجيب غريب هو اليوم الخامس من الأبراج الهجرية الشمسية، الذي اتضح أنه غير ثابت، لا بالتاريخ الميلادي ولا بالهجري القمري الذي كان متبعا، والنتيجة أن راتب كل شهر سيكون مختلفا عن السابق أو التالي، بل إن بعض الشهور ستنتهي دون أن يصرف الراتب خلالها وفقا لهذا التقويم. حدث هذا بعد أن عرف الناس أن رواتبهم سوف تصرف بالتاريخ الميلادي وقبلوا ذلك لأنه ينسجم مع بقية دول العالم ودورة الاقتصاد ونظام البنوك والمؤسسات المالية والقطاع الخاص وغيرها.


ما الحكمة العظيمة؟ ما الإبداع؟ ما التخريجات لهذا الاجتهاد الذي لم تأت به الأوائل؟ كيف يرتب الناس حياتهم وفقا لهذا النظام البدائي الذي لا يفهمه أحد؟ إذا كان هناك حرج تجاه أمر من فئة ما فلا ذنب للناس أن يكونوا ضحيته، وإذا كان اجتهادا خاطئا كما هو فعلا فلا ضير من التراجع عنه، أما إذا كان لأسباب أخرى فمن حق الناس أن يفهموها؛ لأنهم ليسوا فئران تجارب في معامل المستشارين الذين لا يهمهم متى تصرف رواتبهم، لأنها لا تعني لهم شيئا.

habutalib@hotmail.com