-A +A
عبدالمحسن هلال
علمت «بلومبيرغ»، بعد اطلاعها على نشرة السندات السيادية السعودية، أنه لتدني أسعار النفط ستخفض المملكة إنفاقها العام، وذكرت في تقرير، نشرت «عكاظ» الأربعاء الماضي جزءا منه، أن المملكة ستخفض الإنفاق بنسبة 71%، من 263.7 بليون ريال العام الماضي إلى 75.8 بليون هذا العام، وكان 370 بليونا العام الأسبق، وسيتم إلغاء مشاريع بقيمة 75 بليون ريال، بهدف تقليص عجز الموازنة العمومية من 15% من الناتج المحلي العام الماضي إلى 13.5% هذا العام، وستحصل الخزانة العامة من مجموع تخفيضات الرواتب والبدلات الأخير نحو 133 بليون ريال، وفوق هذا تريد «بلومبيرغ» رؤية المزيد من خفض الإنفاق وعدم التركيز على الصرف الرأسمالي.

ترى هل أتيحت هذه النشرة لإعلامنا المحلي، إن أتيحت ولم ينشرها أو ينشر عنها فهو الملوم، وإلا فإن سؤالي بمقال سابق ما زال قائما، لم نستقي معلومات اقتصادنا من وكالات أجنبية، ما سر صمت وزارة المالية وساما والجهات الأخرى المعنية، وزارة الاقتصاد مثلا وقسمها الإحصائي النشط في إصدار بيانات هامشية، وأحجم هنا ولا أزيد.


بداية لا بد من التذكير أن عجز الميزانية ليس كارثة اقتصادية كما يهول البعض، دول كثيرة متعايشة مع عجز ميزانيتها المزمن، وبعضها اقتصادات كبرى، أمريكا مثلا، لكن المعضلة تكمن في اعتمادنا شبه الكلي على النفط. بظني المتواضع الإجراءات السابقة تعتبر كافية في المدى القصير، ولعله حافز لتنويع الدخل لا الرسوم، وعلى المدى البعيد التدرج في تطبيق رؤية 2030 المرتكزة على تقليل الاعتماد على النفط، كفيل بإعادة التوازن لميزانيتنا العمومية. فإذا أضفنا لكل هذا العزم على بيع سندات الدين السيادي بنحو 10 مليارات دولار، للمرة العاشرة، حسب «بلومبيرغ»، يتضح كفاية الموارد المالية المتاحة للتعامل مع الأزمة الحالية الموقتة.

كل هذه الوفرة تعيدني لسؤالي الناشب عن طرح بعض أسهم أرامكو للبيع، فإن سلمنا ببيع بعض مصافيها ومعاملها، أو حتى نقاط بيعها لمزيد من الوفرة والاحتياط، فلا حاجة لإلغاء الاستثناء الذي قدمت به أرامكو لعملية البيع ثم عدلت عنه. وبعد تحديد مزادات بيع سندات الدين السيادي يصرح رئيس أرامكو من أنقرة، وليس من الرياض أو الدمام، أن العام 2018 توقيت مناسب لطرح جزء من أسهم أرامكو لبدء تعافي أسعار النفط، إذا تعافت، عافاك الله، فلم نفكر أصلا في البيع، ولماذا لا نبيع عندما يكتمل التعافي مثلا.

مررنا سابقا بأزمات نفطية أسوأ، ومرت دول كثيرة بأزمات اقتصادية طاحنة، لكنها لم تفكر في بيع جزء من ممتلكاتها أو قطاعها العام، ومن فعل منها سقط في متاهة التبعية الاقتصادية، بعضها أغرته فكرة الخصخصة، فلما خاضتها من دون تقنين سقطت في حبال الرأسمالية المتوحشة، وأسقطت معها طبقتها الوسطى الضامنة لاستقرار الاقتصاد.