-A +A
مي خالد
بعد مرور مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو الأولى التي وقعت بين عامي 1915 و1916 بين المستعمر الفرنسي والمستعمر البريطاني بمباركة من روسيا. تقاسم فيها البلدان الدول العربية. ويذكر في أكثر من وثائقي وكتاب أن اتفاقية سايكس بيكو يسري مفعولها لمدة مئة عام فقط. وبعد ذلك تبطل الاتفاقية.

وهذا يشرح بوضوح الوضع العربي الحالي الذي يجري بلا هوادة لقاع التقسيم والتشرذم الطائفي بهدف تقسيمه لفيدراليات وأقاليم طائفية صغيرة يسهل السيطرة على ثرواتها الطبيعية وموانئها ومواقعها الإستراتيجية. للانتقال لسايكس بيكو ثانية.


وهذا يجعلني أتساءل لماذا فيما بين اتفاقية سايكس بيكو الأولى وسايكس بيكو الحالية. لماذا لم يتعلم الإنسان العربي الدرس.

سايكس بيكو الأولى كانت أسهل تنفيذا. تسقط الدولة العثمانية فتتقاسم الإمبريالية العالمية التركة.

لقد غير المستعمر أدواته لتزييف وعي العربي بل إلى إلغاء هويته العربية ودفعه لهويات ثانوية ملفقة. فنجد المصري يتفاخر بكونه فرعونيا. هو فرعوني بجهود استشراقية بحثية دامت لعقود من الزمان بالرغم من أن السجلات المصرية التاريخية لا يوجد فيها ما يشير لحضارة فرعونية، بل يتم الحديث عن عصور ملوك مختلفين.

والعراقي يسمي نفسه آشوريا واللبناني فينيقيا. أما الفلسطيني فكنعاني والأمازيغ سكان المغرب العربي والسوري آرامي سرياني.

لم يبق إلا الخليجي لم ينسب لحضارة بائدة كبقية أشقائه العرب الذين انتسبوا لحضارات لم يعد أحد من سكانها الأصليين موجودا إلا في متاحف أوروبا التي سرقتها في كل فرصة سانحة. لذا تم تقسيم الخليجي على أساس ديني مذهبي بين سني وشيعي.

ولم يستوعب العربي درس الهنود الحمر. الذين سمتهم أمريكا هنودا حمرا قبل أن ينقرضوا ودلست هويتهم الأصلية التي هي هوية سكان أمريكا الأصليين من إنكا وإزتيك. فلا يوجد في التاريخ هنود حمر أو هنود بيض أو هنود سود. هذا اختلاق تاريخي.

والإنسان العربي مازال ينخرط في لعبة تزييف الوعي بدءا من رأس الهرم من مثقفين وسياسيين وحتى القاع الجاهل الجائع المشغول بالرغيف المتباهي بكونه آشوريا أو كنعانيا أو فينيقيا أو سريانيا أو فرعونيا أو أمازيغيا أو سنيا أو شيعيا.

May_khaled@hotmail.com