-A +A
مها الشهري
تحت شعار «وعي حقوقي وتميز مؤسسي» أطلق صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مشروعا للتكامل الحقوقي تنظمه وكالة إمارة مكة المكرمة استكمالا لرؤية إمارة المنطقة (بناء الإنسان وتنمية المكان)، وحتى تثبت إمارة مكة جديتها ومصداقيتها فقد أنجزت خلال العشرة أيام الماضية نحو تسعة آلاف معاملة حقوقية، وكلنا أمل أن تحذو بقية الإمارات والمناطق حذوها حتى يحظى المجتمع بمشروع وطني متكامل يعنى بالتنمية والحقوق الإنسانية ضمن خطط مشاريع التنمية الشاملة المرتقبة.
يأتي هذا بالتزامن مع ارتفاع الوعي المجتمعي من عدة نواح مختلفة، والوعي الحقوقي بشكله الخاص بعد أن كان جهل الإنسان بحقوقه التي يكفلها له النظام يشكل أزمة مجتمعية، حيث إن إطلاق هذا النوع من البرامج الخاصة بهذا الجانب يعتبر خطوة مميزة على نحوها العملي والتوعوي والإرشادي، وعلينا أن نتفاءل بنجاحها، كذلك فإن ترسيخها ثقافيا يعد بمثابة الحد الأدنى لدرء المخاطر والحد من الكثير من المشكلات الاجتماعية، عندها سيكون الوعي الحقوقي مرتبطا بمدى حيازة المواطنين على تلك الحقوق، حيث إن الجهل بالحق يعتبر مدعاة لانتهاك حق الآخر، ومن لا يعرف حق نفسه فلن يبالي بحفظ حقوق الآخرين.

يرتبط التقدم الاجتماعي ارتباطا وثيقا بمدى ارتفاع الوعي الحقوقي عند أفراد المجتمع من جهة، ومدى تمكينه نظاميا في العمل المؤسسي من جهة أخرى، فنجاح هذه المشاريع يتحقق بمدى تطبيقها ومدى استفادة المواطن منها، وستنعكس في الوعي الاجتماعي حينذاك بشكل أكثر نفعية، مما يتيح نوعا من الانسجام والمرونة بين احتياجات الأفراد والأنظمة التي تكفل لهم حقوقهم، في الوقت الذي يعتقد فيه المواطن أن سعيه وراء حقوقه أمر غير مجدٍ، وهذا ينعكس على نمو الوعي الاجتماعي الذي عرقله الجهل بضرورة الاحتكام إلى القضاء في كافة الشؤون، ومما لا شك فيه أن نهوض المجتمع يأتي من هذا الجانب؛ لأن هذا بدوره يرفع نسبة الوعي سعيا إلى تعديل الكثير من السلوكيات الشائعة، ومن ثم انتقال الأفراد من حالات التشكي والإحساس بالظلم إلى المشاركة الاجتماعية الفعالة والإيجابية.
جميعنا يعلم أن ثقافة المجتمع قد تشكلت بمعزل عن الإدراك بالأحكام والقوانين في ظل وجود البيروقراطية التي انعكست سلبا على سرعة الإنجاز وتسببت في ضياع الحقوق، ولذلك فإن في تفعيلها القدرة على خلق ثقافة جديدة، حيث إن المجتمعات تتبنى فكرتها دون وعي منها حتى تتشكل في قناعات أفرادها، ومع الوقت سيفرض التغيير نفسه، وحينها سيعدّ الفرد الذي لا يتعامل مع حقوقه بقيم نظامية وقانونية شخصا سلبيا.