-A +A
مي خالد
في قمة العشرين التي أقيمت في الصين مطلع الأسبوع، حدث أمر لفت انتباه الإعلام العالمي وتناولته الوكالات الإخبارية بجميع الترجمات. وهو نزول أوباما على سلم معدني أبيض من طائرته الخاصة. سلم غير مفروش بالسجاد الأحمر كما جرت العادات الدبلوماسية والبروتوكولات الدولية.
يقال إنه حدث خلل في تنسيق مواعيد وصول المعدات الخاصة بالوفد الأمريكي وأنهم استأذنوا المسؤولين في المطار الصيني لاستعمال معداتهم التي ليس من بينها سجادة حمراء بالتأكيد.
لذا سمعنا المسؤول الصيني يخبر المنسقين الأمريكيين بعد أن سألوه عن السجادة الحمراء ويقول لهم: «هذا مطارنا وهذه معداتنا».
هذا المشهد النادر يلخص الفرق الجوهري بين الحكومة الأمريكية «الإمبريالية» والحكومة الصينية «التقدمية».
فحتى مطلع القرن الماضي كانت جميع الدول العظمى تقول سياستها أو هرم الحكم فيها على السياسات الرأسمالية.
ثم تحول بعضها للإمبريالية وهي الدول التي يقوم إعلامها على قهر الوعي وتزييفه، بحيث يحول شعبه في الداخل وشعوب العالم الخارجي إلى مجتمعات استهلاكية تهتم بالمظاهر «كالسجاد الأحمر» ولا تتوقف عن الشراء والمطالبة بمنتجات كمالية. وهي كذلك تربي المواطن على قيم العمل والوظيفة، بحيث يدمن العمل ويتصور نفسه ترس صغير في ماكينة الدولة الضخمة التي تدور بلا هوادة.
أما دولة الصين الشعبية فيمكننا أن نسمي حكومتها بالحكومة «التقدمية» خاصة وهي ترفع شعار «نحن بحاجة لأسواق عادلة، وليس لأسواق منافسة»، لذا سياسة الصين سياسة تهدف لمساعدة الشعوب وليس لاستغلالها.
طبعا هذا لا ينفي العيوب وبعض الخلل في أنظمة الحكم الصينية، لكني هنا أتحدث عن موقف البلدين من «السجادة الحمراء».
أما دولنا العربية الكولونيالية أو دول ما بعد الاستعمار فهي واقعة تحت سطوة الدول الإمبريالية وقد قهروا وعينا فأصبحنا نتعامل معهم كما لو كانوا القدر.
فننسب لهم المعجزات والأمراض والكوارث الطبيعية وحتى الأمطار ونظن أنهم يشنون علينا الحروب بالنيابة ويؤججون الطائفية بيننا وبذلك ترتاح ضمائرنا للتخاذل.
لذا تجد بعض الأشخاص من حولنا ترتفع أصواتهم بالمطالبة بالتطبيع مع إسرائيل بوصفها قدرا.
وننسى أن الجزائر الدولة التابعة الكولونيالية قد هزمت فرنسا الإمبريالية بعد نضال دام مائة وخمسين عاما.

May_khaled@hotmail.com