-A +A
مها الشهري
نعلم أنه لا يوجد قطاع في أي دولة في العالم قادر على استيعاب جميع العاطلين، ونعلم أنه من الصعب أن توجه شريحة كبيرة من الراغبين في العمل آمالهم للعمل في قطاع محدد، ولكن الغريب أن يأتي قطاع ويخلي مسؤوليته عن التوظيف على نظام «الصراحة راحة»، هذا ما تفضل به مدير عام الإعلام بوزارة التعليم في خبر نشر يوم الأحد الماضي، ومن القراءة الجيدة للتصريح تتضح صورة غير مذكورة بصفة مباشرة مفادها؛ عجز التعليم عن القدرة على التوظيف حتى ولو كانت ترفع بالاحتياجات لجهة أخرى مسؤولة -لم تذكر ونظنها المالية- تعجز الأخرى بدورها عن تغطية المصاريف.
الغريب في الأمر أنها تخلي مسؤوليتها عن التوظيف من جهة وتبحث عن حلول لسد العجز من جهة أخرى، فيما لا تزال الكثير من المدارس تعاني من العجز وعدم التوازن سواء في المكان أو عدد المعلمين والمعلمات، في حين أن المفترض مقابلة معلم لكل 17 طالباً، إلا أن في بعض المدارس يوجد أكثر من 40 طالباً في الفصل الواحد، والضرر الحاصل يجعلنا لا نعرف إلى متى سيتخرج أبناؤنا من بين أيدي معلمين ومعلمات لا يعملون وفق تخصصاتهم، بل إن أي معلم أو معلمة مؤهلون للعمل في هذا القطاع على توقع بالتعيين في أقرب فراغ يوضعون فيه، وعلى استعداد بتدريس أي مادة خارجة عن تخصصاتهم، والحياة مستمرة في السلك التعليمي ما داموا يأخذون الشروحات من زملائهم المتخصصين ليقوموا بدورهم بشرحها للطلبة، بالرغم من أن هذا أمر بالغ الخطورة ويهدد مستقبل السلك التعليمي وكذلك مخرجاته.
قبل سنة وأيام من تاريخ هذا اليوم وضعت الوزارة آلية لسد العجز ومعالجة الاحتياج في المدارس، ظهر منها حركة النقل التي لا ننكر أنها أفادت الكثير على مستوى الاستقرار النفسي للمعلمين والمعلمات، لكنها لم تحل مشكلة العجز، ومثل هذه المشكلة لا تقابل باقتراح أو نصيحة للتوجه إلى بنك التسليف وعمل المشاريع الخاصة في محاولة لإيجاد فائدة على المستوى الذاتي للفرد، حتى ولو كان الاتجاه لخصخصة النشاط التعليمي وسيلة لتقليص الإنفاق العام وتقليل القيد الحكومي إلا أنها لن تحقق أهدافها إلا بالتكامل والتنظيم الإداري الناجح، ولن تتم إلا بتعاون وتنسيق بين الجهات المعنية، فما العمل أمام من يأخذ بهذا الاقتراح إزاء جهة تصعب الإجراءات وتضع أصناف الشروط التعجيزية!
إن المسألة ليست في التخلص من الأعباء وتقاذف المسؤولية والأحمال بين الجهات الرسمية، إنما هي مسألة مستقبل وطن وتنمية مجتمع وعمل مؤسسي متكامل ومتناسق، وعلى هذا الصعيد فنحن دون ازدهار التعليم سنعجز عن بناء المستقبل.

Twitter: alshehri_maha
maha3alshehri@gmail.com