-A +A
مها الشهري
كلما تحررت المرأة السعودية من القيود التي تأسرها في الداخل ظهر لإنجازاتها بريق في خارج الوطن، ثم ينظر البعض إلى ذلك من مبدأ الاستغراب والسخرية أو قلة الكفاءة وضعف الأهلية، رغم أن في وسعها تحمل المشقة إذا أرادت أن تشق طريقها لفعل أي شيء، وقد أثبتت نجاحها في أكثر من تجربة وضعت فيها، لكنها مع ذلك تبقى في مجابهة النظرة التي تقصيها وتصنع منها كائنا عاجزا ما لم يساندها الرجل، حيث وضعت في قالب يصورها كمستضعفة حتى وقع الكثير من النساء رهينة لهذه النظرة التي تجعلها تتصور أن هذا الدور الموصوف لها هو الدور الطبيعي.
الثقة التي يفترض أن تعطى للنساء هي في الأصل ركيزة التشارك ومحور البناء في الحياة الاجتماعية، وهي حق لهن قبل كل شيء، لكن القناعة المطلقة لدى البعض تشير إلى أن المرأة بالطبيعة كائن أدنى من الرجل، لذلك اعتبر نجاحها منافسة له أو تفوقاً عليه، مما يصعب تقبلها في دور يخرج عن الدور المحدد لها، بينما الصورة الذهنية تصور المرأة الأكثر احتراماً في دور «المطيعة» التي هي في الأصل مستعبدة، فالمجتمع الذي يعتبر فيه الرجل «سيداً» يقلل من قيمتها ويختزل أبعاد مهمتها الاجتماعية والإنسانية في ذات تتبعه أو تستظل به وتخدمه، بينما هو يعتقد أنها لا تستطيع أن تحقق أمراً من أمور حياتها إلا بإشرافه، باعتبارها ليست فرداً مسؤولاً، لذلك فهي غالباً لا تحصل على الدعم الذي يحترم كيانها كعضو فاعل وأساسي في المجتمع حتى على المستوى النظامي.
قد يكون دافع المرأة في تحقيق احتياجاتها ذاتياً، لكنه لم يصل إلى درجة الاستقلال، وحينما تعتقد أن دورها امتداد لدور الرجل، فهي لا تتعامل بهذا المبدأ بمقابل تنازلات أخرى تقلل من قيمتها وتجعلها بالفعل دوناً عنه، فلا بد من تنمية ثقافية تزيح المفاهيم التي صورت للمرأة بأن الحديث عن حقوقها وحرياتها خروج عن أخلاقها وتعاليم دينها، وإذا استطاعت تحقيق حريتها فستتمكن من تحقيق إنسانيتها، وسيجد الرجل خيارا في احترام المرأة التي تشاركه وتكون ندا له حين يتعلم ويتربى على أن نموذج المرأة الكاملة لا يتمثل في تلك الصورة التابعة له والأضعف منه.

maha3alshehri@gmail.com