-A +A
مي خالد
في الأسبوع الماضي حدث خطأ غير مقصود من جريدة الرياض حين سمت الثوار السوريين متمردين. وأوضحت الجريدة في نفس اليوم حقيقة هذا الخطأ وأنه ترجمة من وكالة رويترز وأن المحرر الذي قصر في مراجعة الترجمة حوسب. فهل اعتذارها واعترافها بالخطأ أشفى غليل المعترضين الهائجين؟
طبعا. لا.

فهناك فئات من الناس أصروا على التصعيد وطالبوا بعقوبات عجيبة قد تصل إلى إغلاق الجريدة. وهم بمطالبهم تلك يدّعون الوطنية معتبرين أن هذه الصحيفة لا تمثلهم. لكن هل سألوا أنفسهم إن كان إغلاق الجريدة وقطع رزق السعوديين العاملين فيها يعتبر وطنية؟
أؤمن أن في صحافتنا أخطاء وأحياناً تعبر عن وجهة نظر واحدة. وهذا ينطبق على بعض قنواتنا الفضائية أيضاً.
لكنها بالتأكيد جهات سعودية تمثلنا ولا يعقل تخوينها أو وصفها بالتصهين أو الزعم بأن العاملين فيها ينتمون لولاءات خارجية.
المكارثية واتهام بعض أفراد المجتمع العاملين في الإعلام والصحافة بالخيانة الوطنية وتأليب الناس ضدهم واتهامهم بالليبرالية والعلمانية والتصهين وأنهم يصدرون عن فكر يضاد الدين ويكفر بقضايا الأمة. هدفه الاستئثار بتوجيه الناس عبر منابر التشدد وخطابات التكفير واللعب بعواطفهم وتغييب عقولهم وقدراتهم النقدية. خاصة أن الصحافة تقوم بين فترة وأخرى بكسر هالة التقديس عن هؤلاء وتكشف تزييفهم.
هؤلاء لا يتركون فرصة صغيرة أو كبيرة تمر دون أن يمارسوا فعل الكراهية ضد الصحافة والإعلام بشكل عام. لأنه منافسهم التقليدي.
فهم على سبيل المثال يسمون قناة العربية القناة العبرية ويحللون خطاباتها كي يصموها بالتصهين. ويسمون صحيفة الشرق الأوسط خضراء الدمن.. وغيرها من التسميات.. فعداوتهم بعيدة من حيث الزمن ومن حيث النتائج. فما يلزم صحفنا اليوم هو الكثير من المهنية والمزيد من الكشف والتعرية. وتقبل صوت المواطن بحياد وعرض الأفكار المضادة لمناقشتها. المزيد من حرية الصحافة ستخنق أصوات هؤلاء المتشددين المتكالبين عليها الغامزين أفرادها بالخيانة والكفر والتصهين.