-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
أدان تقرير لجنة «تشيلكوت» البريطانية قرار الحرب في العراق، الذي انساق إليه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، استجابة لحليفه الأمريكي جورج بوش، فالعراق لم تكن لديه أسلحة نووية، ولم يشكل تهديدا لدول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، الطفل المدلل للصهيونية المسيحية، والتاريخ يثبت أن العراق لم يكن طرفا في الحروب العربية – الإسرائيلية، الأمر الذي يعكس الهدف المنشود من هذه الحرب، وهو – لا الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين – كما يزعمون، لأن الإطاحة به، كان من الممكن أن تتم بوسائل أخرى يتم إسقاطه به، وإنما الهدف هو تمزيق العراق وتقسيمه تحقيقا لأهداف أمريكية – إيرانية – بريطانية – إسرائيلية، أبرزها: إشعال المنطقة العربية كلها بنيران الحروب، ومن ثم ازدهار تجارة السلاح العالمية التي يسيطر عليها اليهود في الغرب، وتقسيم العراق إلى دويلات متصارعة، سنية وشيعية وكردية، وما يعقب ذلك من تدخل أطراف مجاورة، كل طرف منها يؤيد فريقا ضد الآخرين، ومن ثم يتم إلهاء وإشعال هذه الدول، بما يحقق أمن إسرائيل من جانب، وما يعرقل عجلة التنمية في بلدان المنطقة من جانب آخر، وهو ما تحقق بالفعل، وتلك كلها تصب في مصلحة التحالف الأمريكي – البريطاني – الإسرائيلي، وقد عبر المتحدث باسم البيت الأبيض – صراحة – عن ذلك، فقال تعليقا على «تشيلكوت»: «إن قدرة قادة بلداننا على العمل معا، من أجل التركيز على مصالحنا المشتركة، والسعي لتحقيقها، جعلت بلادنا أكثر ازدهارا، وأكثر أمانا».
نعم، قد تكون بلادهم أكثر ازدهارا من خلال تلك المليارات المتدفقة على بلدانهم نتيجة تسابق دول المنطقة إلى التسليح الأمريكي – البريطاني لجيوشها، لكنه لم يعد أكثر أمانا كما يزعمون، وخير دليل على ذلك، تنظيم «داعش» الذي هو من إفرازات هذه الحرب، وعملياته الإرهابية في الدول الغربية، فالعالم لم يعد – كما قال بوش الابن – أفضل بدون صدام حسين، بل إنه أسوأ بكثير مما كان عليه أيام صدام، ولو كان الهدف صدام حسين، لكان بإمكان الأمريكان التخلص منه على طريقتهم التي تخلصوا بها من كثير من قادة وزعماء العالم، بما في ذلك أمريكا نفسها، وما قتل الرئيس الأمريكي الأسبق كيندي ببعيد.

لقد سقط صدام، وسقط العراق، ولست متشائما إن قلت: إن العراق لن يعود كما كان، أو قد يعود بعد قرون.
المطلوب إذن، أن يشمر القادة العرب ممثلين في جامعتهم، جامعة الدول العربية عن سواعدهم، ويسعوا جادين للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب البريطانيين والأمريكان والإيرانيين، ثم المطالبة بتعويضات منصفة لأسر الضحايا، مع إصلاح ما أفسدت هذه الحرب الكاذبة الخادعة على نفقة من قاموا بها، نعم، لن تعيد التعويضات من قتلوا ظلما وعدوانا، ولن تعيد «الآثار المنهوبة» التي سرقتها إسرائيل، ولن تعيد البترول الذي أغرق به تنظيم «داعش» الإرهابي دول العالم، لكنها ستعيد للعالم من جانب، وللأمم المتحدة من جانب ثان، ولجامعة الدول العربية من جانب ثالث، المصداقية التي فقدوها بين أنصار الحق وطلاب العدالة في العالم بأسره. وإن غدا لناظره قريب.