-A +A
مها الشهري
كل عام وأنتم بعافية، لا شك أن تكدس المراجعين وتدني مستوى الخدمات الصحية في بعض المناطق من المشكلات التي أصبحت ظاهرة، قد يكون من أهم أسبابها غياب بعض الأطباء الذين يعملون على «خطين»، فهم يشغلون وظائف في المستشفيات الخاصة والعامة في نفس الوقت، وهذا خلل لم تتخذ الوزارة تجاهه أي إجراء، إضافة إلى أن نقص الكادر الطبي يقلل من رعاية المرضى الذين يتلقون العلاج بداخل المستشفى، ويتسبب في تباعد المواعيد لحالات مرضية لا تحتمل التأخير، الأمر الذي قد يعرض الكثير من المرضى للخطر.
أكثر المرضى يعاني بين نارين؛ بين إهمال المستشفيات العامة واستنزاف المستشفيات الخاصة التي لا يهمها سوى الربح المادي مع قلة إمكانياتها خصوصا في معالجة الحالات الخطرة التي تتطلب التدخل السريع، ذلك في ظل إهمال الوزارة لربط المستشفيات وعدم تفعيلها للملف الإلكتروني الموحد الذي يدمج التاريخ الصحي للمريض ويسهل مراقبة ما يعمل له، حتى لا يكون عرضة للاستغلال، خاصة وأن الوزارة بدأت في التخلص من أعبائها بالعمل على خصخصة القطاع.

الملاحظ أن الخدمات الصحية في المدن الرئيسية ذات مستوى جيد، وهذا ما يسبب ازدحامها بالمرضى من مختلف المناطق، وبالإمكان النظر للنقص من الحالات المتكررة في هذه المستشفيات، إذا ما قمنا بعمل خرائط صحية ديموغرافية توضح التوزيع الإقليمي للسكان والحالة الصحية في كل إقليم، وعليها يترتب مراعاة أوجه القصور والنقص في المستشفيات المركزية لتلك المناطق.
فتح ملف الصحة يكشف المعاناة لأكثر من صورة لا تستوعبها عشرات المقالات، ولكنها تحتاج إلى مواقف تأخذ حقيقة مشكلاتها المتعددة بعين الاعتبار، ونحن نعلم أن من أكبر الصناعات وأكثرها تعقيدا هي الخدمات الصحية، ولكن لدينا من الجانب الآخر الكثير من المشكلات التي عثرت المشاريع وجعلت ملايين الريالات تتبخر، ما تسبب في عرقلة المنجزات وإعاقة تطوير هذا القطاع وتجويد خدماته.
من المفترض أن لا يستجدي المواطن «الخدمة» عن طريق الشكوى التي يجبر فيها على الإعلان عن معاناته، ثم تأتي المعالجة على نظام «الفزعة»، وفي المحصلة يكون العلاج لبعض الحالات كحالات فردية، بينما تعيش شريحة منسية من الناس كضحية للإهمال.
المفترض ان تعمل الوزارة على تحسين الحالة الصحية للمواطنين من خلال تكثيف العمل لتنفيذ الإجراءات المتعلقة بأنشطة مراكز الرعاية الصحية، ومراعاة التوزيع الإقليمي للمستشفيات المركزية وطاقاتها الاستيعابية فضلا عن تطويرها وتزويدها بالإمكانيات ورفع كفاءاتها العلاجية، كذلك سعودة القطاع وزيادة قدرة الكليات الطبية لاستيعاب العدد الأكبر من الدارسين والمتدربين وتطوير قدراتهم، فلا يمكن تطوير مخرجات الصحة ما لم يعمل على معالجة مشكلاتها من الداخل.