-A +A
جميل الذيابي

مرة تِلْوَ مرة، يثبت التنظيم الإرهابي التكفيري الدموي المسمى «داعش» أنه نبتٌ شيطاني لا أصل له في مجتمع الإسلام السمح المعتدل، الذي تعايش مع الآراء الفقهية، دون مساس بنسيج الأمة، وتماسك المجتمع، ودون تشويه للدين، ولا افتراء عليه.

فقبل أن يفيق العالم من كارثة القتل وإراقة الدماء التي راح ضحيتها العشرات في إسطنبول، وبغداد، ودكا، دهمتهم أنباء المحاولات الداعشية اليائسة لترويع السعودية بثلاث هجمات متزامنة في جدة، والقطيف، والمدينة المنورة. وهي متزامنة لوقوعها في يوم واحد (الإثنين)، لكنه تزامن قبيح، لم يراعِ حُرمة المكان، ولا قدسية الزمان. واستهدفت المحاولات اليائسة الثلاث بيتين من بيوت الله في جدة والقطيف، وأحد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال، وهو المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة.

ولا بد من التنويه بأن يقظة رجال الأمن السعودي كانت وراء إحباط خطط التنظيم الذي بدأ يستشعر دنوَّ أجله، وصار يئنُّ تحت وطأة الضربات المتعددة الجنسيات التي أفقدته الأرض، وأموال النفط في المناطق التي يسيطر عليها. ولعل تلك اليقظة المعززة بالتأهيل والتدريب والمعدات الحديثة كانت جلية في التعامل مع انتحاري جدة، الذي لم يمهله رجال الأمن البواسل حتى ينسف جميع العبوات التي فخخ بها نفسه. والحديث عن تضعضع المعنويات في الرقة والموصل ليس من فراغ، إذ تكاد «دولة» داعش المزعومة تُقبر وخلاياها تضمر، وها هي فرص التغطية بإراقة دماء في السعودية والكويت ودول الخليج تتضاءل وتتلاشى بإحباط هجمات السعودية والكويت. لذلك كله لم يعد أمام عصابات «داعش» سوى التغرير بمجندي التنظيم لشن هجماتٍ منفردة، لتكون ضحاياها العامة الأبرياء، والمزيد من الكراهية الشعبية والعالمية لهذا التنظيم الشيطاني الفاجر، الذي لم يرعوِِ لروحانية رمضان، ويخطط حتى لاستهداف المقدسات التي تهفو إليها قلوب أكثر من مليار مسلم في أرجاء العالم.

وبالطبع، فإن السعودية لن تسمح مطلقاً بالمساس بمقدسات المسلمين، وبأمنها، واستقرارها. وهو تحدٍّ أثبتت قوات الأمن السعودية قدرتها على تجاوزه حين تصدت لتنظيم (القاعدة) الذي حاول بالطريقة الداعشية الراهنة ترويع الآمنين، وضرب الاستقرار، ووقف عجلة التنمية، واختطاف إرادة الشعب السعودي ليفرض نسخته المُشَوِّهة للإسلام، وينشر ضلال التكفير، والقراءات المنحرفة للفكر الديني.

لا شك أن العمليات الإرهابية التي وقعت في السعودية والكويت والبحرين تثبت أن لـ«داعش البغدادي» القدرة على الحصول على السلاح والمتفجرات، وهنا يطرح السؤال، من أين يأتي السلاح والمتفجرات ومن يقف خلف التمويل؟!.

الحرس الثوري الإيراني يقود حربا طائفية ضد المملكة ودول الخليج ودول عربية عدة بعناوين عدة، بهدف إثارة الحقن المذهبي والطائفي وإلغاء الفاعلية السياسية للدول الخليجية، التي تمثل الكتلة الصلبة الصامدة في منطقة مضطربة تشتعل فيها النيران.

ومهما تمادى «داعش» في غيِّه وضلاله، فإن ذلك لن يفتَ في عضد القيادة السعودية وأجهزتها الأمنية المستعدة دوماً لتقديم أروع الأمثلة في ردع المعتدين، وتدمير المتطاولين، والقضاء على العابثين بالأمن والاستقرار. لقد مررنا بتجربة الإرهاب الدموي مطلع الألفية تحت واجهة «القاعدة»؛ وها هو يعود تحت مسمى «داعش». وفي كلتا الحالتين، بل في كل الحالات، لن يجد منا سوى الصمود، والاستبسال، والجود بالأرواح والدماء، والتمسك بإسلامنا المعتدل دون غلو، ولا تفريط.

لذلك كله لم يعد أمام عصابات «داعش»، عليهم لعنة الله، سوى التغرير.



jameelth@gmail.com



jameelAlTheyabi@